للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"ضريرين أعداء، أواه هذا شيء أسوأ من الأغلال أو الزنزانة أو التسول، أو العجز بفعل الهرم، فالضياء، وهو فاتحة صنع الله، منطفئ أمامي، ولا أملك من مباهجه شيئاً. ربما كان يهدي من آلامي وأحزاني، آه، أنه الظلام والقتام والحكمة وسط وهج النور عند الظهيرة، ينشر كسوفاً كليلاً لا خلاص منه، دون أي أمل في بزوغ النهار (١٤١) ".

والحق أن الرواية كلها يمكن تفسيرها بأنها قصة رمزية متناغمة متماسكة: فملتون هو شمشون يناضل ويتعذب في محنته، وبنو إسرائيل المقهورون هم البيوريتانيون، أي الشعب المختار حطمته عودة الملكية، والفلسطينيون هو الملكيون الوثنيون المنتصرون، وهدم هيكلهم يكاد يكون تنبؤاً "بالثورة الجليلة" التي أطاحت بآل ستيوارت "الوثنيين" في ١٧٨٨. أما دليلة فهي المرأة الخائنة ماري باول، Powell. وتكرر فرقة الموسيقى (الكورس) حجج ملتون وناقشاته من أجل الطلاق (١٤٣). ويكاد ملتون يكون قد تخلص من غضبه وحقده بترديد تلك الحجج والناقشات على لسان شمشون الذي يتقبل نهايته التي لابد آتية:

"سوف تمضي سلالة المجد، أما سلالة الخزي والعار التي ستبقى فسألحق بها وشيكاً (١٤٣) ". وفي يوليه ١٦٧٤ أحس ملتون بأنه يضعف وتنحط قواه، ولأسباب لا نعلمها أهمل تدوين وصيته. وبدلاً من ذلك وجه إلى أخيه كريستوفر وصية "شفوية" تكاد تكون غير مسطورة، نقلها كريستوفر على وجه الآتي:

"أخي، إني أترك نصيبي من تركة مستر باول Powell والد زوجتي السابقة، لأولادي العاقين، ولكني لم أتسلم شيئاً منه ووصيتي ومقصودي ألا يستولوا على أي جزء آخر من ضيعتي أكثر من الجزء المذكور، ومما ضيعت من أجلهم، غيره، لأنهم قصروا أشد التقصير في القيام بواجباتهم نحوي، أما بقية ضيعتي فأني أضعها تحت تصرف زوجتي الحبيبة اليزابث" (١٤٤) وأعاد ملتون هذه الوصية الشفوية على أسماع زوجته وأناس غيرها في أوقات مختلفة.