من الجمال الطائش في سلوكه وعاداته، فانه أبدى في بعض الأحيان افتقاره إلى الرقة والكياسة اللتين كان من العسير التماسهما عند والده. من ذلك، على سبيل المثال، أنه لفت نظر جرامونت إلى خدمه يؤدون عملهم وهم راكعون (٢٢). ولم يكن كثير الإدمان على الخمر في أغلب الأحيان، ولكنه أدمن بشكل مخيف لعدة أيام عقب صدور قانون ضد تعاطي المسكرات (٢٣). وكان عادة يتقبل النقد بصدر رحب، ولكن حين جاوز سيرجون كوفنتري حده، وتساءل في البرلمان علانية "هل يجد الملك متعة بين الرجال أو بين النساء؟ ". أمر شارل رجال حرسه أن "يجعلوا منه عبرة" فكمنوا له وهاجموه وهشموا أنفه (٢٤).
على أن فئة قليلة من الناس كانوا لا يملكون إلا أن يحيوه، ومنذ شباب هنري الثامن لم يوجد في إنجلترا ملك في مثل شعبية شارل بين حاشيته، وكانت حيويته الجسمية تبعث على الرضا والسرور، ولم يكن به شح أو بخل، بل كان يرعى الحقوق، عطوفاً كريماً. بعد أن ينقد رجال حاشيته رواتبهم، كان يجد الوسيلة للبر والإحسان والصدقات. وجعل من المتنزه الخاص به مرتعاً لمختلف الحيوانات، ولم يلحقها أي أذى. وكانت كلبته المدللة تنام، ويفترسها رفيقها وتلد وترضع صغارها في حجرة نوم الملك (٢٥). وكان شارل بعيداً عن التكلف، أنيساً، حلو المعاشرة، يسهل الوصول إليه أو التحدث معه، سرعان ما يهدى من روع محدثيه ويطمئن بالهم. وذكر كل الذين تحدثوا عن شارل -فيما عدا كوفنتري، أنه "ملك ودود طلق المحيا (٢٦) "، وعده جرامونت "من ألطف الرجال وأرقهم وأكثرهم وداعة (٢٧) "، وقال عنه أوبري "إنه نموذج فذ في المجاملة (٢٨) " وكان شارل قد صقل عاداته وسلوكه في فرنسا، وكان، مثل لويس الرابع عشر يرفع قبعته لأية سيدة، حتى ولو كانت من أحط الطبقات وكان يفضل شعبه بكثير في التسامح مع أية آراء أو مذاهب دينية معارضة إلى حد أنه شرب نخب خصومة السياسيين، وسر كثيراً بالهجاء حتى