وهم يجرون هنا وهناك، ذاهلين مخبولين، كذلك أحرقت النار الكنائس والقطاعات العامة، وسوق الأوراق المالية والمستشفيات والآثار والزخارف والبيوت والأثاث كما أنها أتلفت كل شيء .. . "
وهنا رأينا النهر مغطى بالبضائع الطافية فوق الماء والزوارق والقوارب محملة بالضائع التي وجد بعض الناس فسحة من الوقت وأوتوا شيئاً من الشجاعة لإنقاذها. كما كان هناك على الجانب الآخر العربات وغيرها، تنقل إلى الحقول، التي انتشرت لعدة أميال كل من كل نوع … كما نصبت الخيام ليأوى إليها الناس وما استطاعوا أن يستخلصوه من بضاعة ومتاع. يا لهول المنظر الأليم المفجع الذي لم تصادف الدنيا مثله منذ بدء الخليقة. وغطت ألسنة النيران وجه السماء، فبدت وكأنها أتون ملتهب … إني أرجو الله ألا يقع عيناي ثانية على مثل هذا المنظر، منظر أكثر من عشرة آلاف بيت تحترق كلها في لحظة واحدة وكان صوت اللهب المندلع وفرقعته ورعده، وصراخ النساء والأطفال، وهرولة الناس، وسقوط الأبراج والمنازل والكنائس، أشبه شيء بعاصفة هوجاء، وكان الهواء ساخناً إلى حد أن الناس اضطروا إلى الوقوف جامدين، تاركين النار يشتد أوارها، وتمتد ألسنتها لمسافة تقرب من ميلين طولاً وميل عرضاً (٨٢) ".
وأبلى الملم وأخوه المكروه جيمس، كلاهما، بلاء حسناً في هذه الأزمة، وجدوا في العمل بأيدهم مع مكافحي النيران، وأشرفوا على أعمال الإغاثة ومولها وهيئوا المأوى والطعام لمن يأتوا بلا مأوى، وأصروا، برغم المعارضة الشديدة، على هدم البيوت ليحولوا دون امتداد الحريق، مما كان له الأثر في إنقاذ جزء من المدينة في شمال التيمز (٨٣) وكاد الحي التجاري أن يمحى عن آخره، أما حي السياسة "وستمنستر"، فقد أنقذ، ودمر ثلثا مدينة لندن، بما في ذلك ١٣٢٠٠ منزل، ٨٩ كنيسة بما فيها كنيسة سانت بول العتيقة، ولقي ستة أشخاص فقط مصرعهم، ولكن مائتي ألف شخص فقدوا مساكنهم (٨٤). ودمرت معظم المكتبات واحترق من الكتب