واعتبارها بين الناس، ولم يبق لها شيء من هذا إلا عند الحرفيين والفلاحين، وصار الواعظ موضع احتقار والازدراء على أنهم منافقون كئيبون أغبياء مزعجون مملون ثقال الظل. وأصبحت الديانة الوحيدة الصالحة للسيد الماجد هي الأنجليكانية المهذبة التي يحضر فيها المولى (رب العمل أو مالك الأرض) صلاة الأحد لتدعيم مركز القسيس الذي زرع الخوف من نار الجحيم في نفوس القرويين، ويسبح بالحمد والشكر، وفي إيجاز مناسب، من جانب المنصة التي يجلس إليها المولى أو سيد القرية. وأصبح أقرب إلى طابع العصر أن يكون المرء مادياً على مذهب هوبز، لا مسيحياً مثل ملتون، الأحمق العجوز الأعمى الذي نظر إلى سفر التكوين على أنه تاريخ، وفقدت نار الجحيم التي بولغ فيها في العشرين سنة الماضية، رهبتها وهيبتها لدى طبقات المالكين. أما الجنة في رأيهم، فهي مائلة دوماً في مجتمع متحرر من الثورة الاجتماعية والكبت الخلقي في ظل حاشية وملك ضرب المثل وتقدما الركب في الفسق والفجور والميسر واللهو والعبث.
وكان ثمة عدة رجال أفاضل ونساء فضليات بين أفراد البلاط الملكي، وكان كلاردند مثلاً رجلاً ذا المبادئ وسلوك قديم حتى سارت ابنته في طريق الغاوية فاهتاج وفقد صوابه، وأوصى بقتلها وتحلى أرل سوثمبتون الرابع ودوق أورمند الرابع بالحشمة والوقار، وكان من بين رجال الدين الأنجليكانيين نفر من المخلصين الأتقياء، حتى من الأساقفة أو ذوي المراتب الكنيسة العالية. وصدقت عزيمة الملكة وليدي فانشو والآنسة هملتون، والسيدة جودولفين فيما بعد، في التمسك بأهداب الفضيلة. ويقيناً كان هناك أفراد غير هؤلاء وهؤلاء، ضاعت ذكراهم في ثنايا التاريخ لأن الفضيلة لا تعلن عن نفسها.
وكلما علت المكانة انحطت الأخلاق. فهناك جيمس، دوق يورك، شقيق الملك، الذي يبدوا أنه بز الملك في حصته من الخليلات العشيقات (١٠١). وبينما هو في المنفى تسلل إلى مخدع آن هايد ابنة قاضي القضاة، فلما حملت