للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفضل لكتّاب سيرانودي برجراك "التاريخ الهزلي لدول إمبراطورية القمر". أما الشيء الجديد حقاً فهو "الكلبية" أو السخرية الرهيبة في الأجزاء المتأخرة من الكتاب. وحتى هذه وجدت من يعجب بها، فأن دوقة مالبورو، وقد بلغت آنذاك أرذل العمر، غفرت لسويفت هجماته على زوجها، إلى جانب حملاته على الجنس البشري بأسره. وصرحت بأن سويفت أتى "بأدق وصف يمكن أن يكتب للملوك والوزراء والأساقفة والمحاكم". وروى جاي أنها "في نشوة غامرة من الابتهاج بالكتاب ولا يمكن أن تحلم بشيء آخر" (١٣٣).

وتكدر انتصار سويفت بنسر قصيدة كادينوس وفانيسا، فإن منفذي وصية هستر فانهو مراي أذعنوا لأمرها بنشرها، ولم يطلبوا من الكاتب ترخيصاً بذلك، وظهرت في طبعات مستقلة في لندن ودبلن وإدنبرة، وكانت ضربة قاسية للزوجة ستيللا لأنها رأت أن عبارات الحب والهيام التي كانت قد وجهت يوماً إليها، تكررت لفانيسا، ولم يمض كبير زمن على افتضاح هذا الأمر حتى مرضت وقصد سويفت الى إيرلندة لعيادتها والتخفيف عنها، وتحسنت صحتها، وعاد هو إلى إنجلترا (١٧٢٧)، وسرعان ما ترامت إليه الأنباء بأنها تحتضر، فأرسل تعليمات عاجلة إلى مساعديه في الكاتدرائية بأن ستيللا يجب ألا تلفظ أنفاسها الأخيرة في مقر رئاسة الكاتدرائية (١٣٤)، وعاد أدراجه إلى دبلن، ومرة أخرى أبلت ستيللا بعض الشيء، ولكنها فارقت الحياة في ٢٨ يناير ١٧٢٨، وهي في السابعة بعد الأربعين وانهارت قوى سويفت، واشتد عليه المرض فلم يستطع تشييع الجنازة.

وبعدها أقام في دبلن "مثل فأر مسموم في جحر (١٣٥) " (كما كتب إلى بولنجبروك). وكان يقوم بأعمال البر والصدقات، وأجرى راتباً على مسز دنجلي، ومد يد العون إلى ريتشارد شريدان في محنة شبابه، وكان في ظاهره رجلاً قاسياً، ولكنه تأثر تأثراً بالغاً لفقر الشعب الأيرلندي، وصعق لكثرة عدد المتسولين من الأطفال في شوارع دبلن، وفي ١٧٢٩