وكانت ثورة القوزاق في أوكرانيا (١٦٤٨) حدثاً لا يفوقه في أهميته التاريخية سوى هذا الفيتو. ذلك أن دمج لتوانيا مع بولنده في "اتحاد لوبلين"(١٥٦٩) أخضع إقليم أوكرانيا، الذي يجري فيه نهر الدنيبر، لحكم غلب عليه العنصر البولندي، وكان أكثر سكان الإقليم من قوازق زابوروج الذين ألفوا الاستقلال وتمرسوا الحرب. وحاول النبلاء البولنديون الذين ابتاعوا الأرض في أوكرانيا أن يرسوا فيها أسس الأحوال الإقطاعية، وثبّط الكاثوليك البولنديون ممارسة تلك الحرية التي كفلها اتحاد لوبلين للعبادة الأرثوذكسية. وانبعثت ثورة من ثورات القوزاق من هذا المركب من أسباب السخط والتذمر، وتزعمها حيناً زعم حربي (هتمان) غني يدعى بوجدان شميلنيكي، وناصرها تتار القرم المسلمون. وفي ٢٦ مايو ١٦٤٨ دحر التتار والقوزاق الجيش البولندي الرئيسي في كورسون، وسرت الحماسة للثورة بين الأغنياء والفقراء على السواء.
وقد خلفت وفاة لاديسلاس الرابع في ٢٠ مايو عرش بولندة في هذه الأثناء مثاراً لنزاع بين النبلاء استمر حتى ٢٠ نوفمبر، حين اختارت هيئة الديت الانتخابية جون الثاني كازيمير. أما شيملنيكي فقد خشي ألا تستطيع الثورة الصمود للجيوش البولندية المعززة إلا بقبول المعونة والسيادة الأجنيستين، فاختار الاستنجاد بروسيا الأرثوذكسية. وعرض أوكرانيا على القيصر الكسيس، ورحبت الحكومة الروسية بالعرض وهي عليمة بأن معناه الحرب مع بولندة، وبمقتضى "قانون بيريياسلاف" ١٨ يناير ١٦٥٤، انضوت أوكرانيا تحت الحكم الروسي. وكفل للإقليم الاستقلال الذاتي تحت حكم زعيم حربي ينتخبه القوزاق ويصدق على انتخابه القيصر.
وفي الحرب التي تلت ذلك بين بولندة وروسيا، حول تتار القرم الذين آثروا أوكرانيا بولندية على أوكرانيا روسية-حولوا معونتهم من القوزاق إلى البولنديين. وفي ٨ أغسطس ١٦٥٥ استولى الروس على فلنو، وذبحوا آلافاً من الأهالي، وأحرقوا المدينة وسووها بالتراب. وبينما كان البولنديون يدافعون عن أنفسهم على جبهتهم الشرقية، قاد شارل العاشر