المخمور بها، ولم يشبع من الانتصارات، وفي سبيل البحث عن انتصارات جديدة راح يدبر الحملات إلى حد أشرف على الجنون. وقد أفسدت الكبرياء كرمه وسماحته، كان يعطي كثيراً، ويطلب أكثر، ولقد عاق السلام غير مرة برفضه تنازلات ربما أنقذت إمبراطوريته وماء وجهه. ولكن التاريخ يغتفر له أخطاءه، لأنه لم يكن البادئ بـ "الحرب الشمالية العظمى"، هذه الحرب التي أبى أن يختمها إلا بالانتصار.
أما الحكومة السويدية، التي ندر أن جنحت إلى التطرف، فقد سارعت بمفاوضات الصلح. وبمقتضى معاهدتي استوكهولم (٢٠ نوفمبر ١٧١٩ و ١ فبراير ١٧٢٠) نزلت عن بريمين وفيردين لهانوفر، وعن ستيتين لبروسيا، ورفضت أول الأمر مطالب بطرس بجميع الأراضي السويدية في البلطيق الشرقي، فغزت الجيوش الروسية ثلاث مرات هذه الدولة التي استنزفت الحروب دماءها، وخربت أراضيها الساحلية ومدنها. وأخيراً. وبمقتضى معاهدة نيستاد (٣٠ أغسطس ١٧٢١) حصلت روسيا على ليفونيا، واستونيا، واينجريا، وجزء من فنلنده. وهكذا ترك الصراع على البلطيق روسيا ظافرة، وجعل منها دولة عظمى".
أما القيصر المكدود، المكتهل، الظافر رغم ذلك، والذي وصل إلى بطرسبرج ومعه نبأ السلام، وهتاف السلام، السلام "مير! مير! " فقد حياه شعبه أباً لوطنه، وإمبراطور لأقاليم روسيا كلها، ولقبه ببطرس الأكبر.