للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكان لا بد من مواصلة الكثير من هذا البرنامج أثناء الليل الذي يبدأ حوالي الثالثة عصراً ويستمر إلى التاسعة من صباح الغد.

وكانت سانت بطرسبورج الرمز ونقطة الارتكاز الأرخميدية لثورة لم تكن موقعاً مثالياً لعاصمة دولة نظراً لشدة قربها من الساحل، ولكنها من هذا كانت تبعد خمسة وعشرين ميلاً من البحر، في نقطة يتفرع فيها نهر نيفا إلى فرعين، وكان بطرس يأمل أن يحميها بقلعة كرونستاد التي شادها (٧١٠) على جزيرة في مدخل الخليج. أما المدينة نفسها فقد أسست في ١٧٠٣ على غرار أمستردام. وإذ كان الكثير من هذا الموقع تغمره المستنقعات (وكلمة نيفا باللغة السويدية معناها الوحل) فقد بنيت سانت بطرسبورج على دعامات-أو في عبارة روسية حزينة، على عظام آلاف العمال الذين جندوا قسر لإرساء هذه الأسس وتشييد المدينة. ففي ١٧٠٨ أرسل نحو ٤٠. ٠٠٠ رجلاً للقيام بهذا العمل، وفي ١٧٠٩ أرسل ٤٠. ٠٠٠ آخرون، وفي ١٧١١ أرسل ٤٦. ٠٠٠، وفي ١٧١٣ أرسل ٤٠. ٠٠٠ فوق ما سبق. وكانوا ينقدون نصف روبل في الشهر، لم يكن بد من أن يستكملوه بالتسول أو السرقة. وكان أسرى الحرب السويديون الذين استخدموا في البناء يموتون بالآلاف. وإذ لم يكن هناك عجلات يدوية، فقد كان الرجال ينقلون المواد في قفاطينهم المرفوعة. كذلك صودر الحجر، فحرم مرسوم صدر في ١٧١٤ تشييد بيوت بالحجر في أي مكان بروسيا إلا في سانت بطرسبورج، أما في المدينة نفسها فقد أمر كل شريف في البلاد بأن يبني له مسكناً من الحجر. وفعل الأشراف محتجين، إذ كرهوا مناخ المدينة ولم يشاركوا بطرس عشقة للبحر. أما بطرس فكلف بعض مهرة الصناع الهولنديين بأن يقيموا له كوخاً كالأكواخ التي رآها في زاندم، يحيطان من جذوع الشجر، وسقف من الحصباء، وحجرات صغيرة. وكان يكره القصور، ولكنه سمح ببناء ثلاثة منها للمناسبات الرسمية في بيترهوف (وهي الآن بترودفوريتس) على المشارف الجنوبية لمدينة. وقد دمر هذا "القصر الصيفي" في الحرب العالمية الثانية. وفي ضاحية قريبة تدعى تسارسكو سيلو (وهي الآن بوشكين)، شاد كوخاً صيفياً لحبيبته كاتيرينوشكا.

ولم يكن قصده أول الأمر أن يجعل سانت بطرسبورج عاصمة بالإضافة إلى كونها ميناء، فقد كانت شديدة القرب إلى عدوته السويد.