الحياة العربية والتأثير فيه؛ إنه على الرغم من حيلولة حاجز الهملايا، قد استطاعت الهند أن تبعث إلينا عَبْرَ تلك الجبال طائفة من ألوان التراث المشكوك فيه، مثل النحو والمنطق والفلسفة والحكايات الخرافية والتنويم المغناطيسي والشطرنج، وفوق هذا كله، بعثت إلينا أرقامنا التي نستعملها في الحساب ونظامنا العشري؛ لكن هذه ليست صفوة روحها، وهي توافه إذا قيست إلى ما قد نتعلمه منها في مقبل الأيام؛ فبينما تعمل الاختراعات والصناعة والتجارة على ربط القارات بعضها ببعض، أو بينما تعمل هذه العوامل على بث روح الشقاق بيننا وبين آسيا، فسيتاح لنا في أي من الحالتين أن ندرس مدنيتها عن كثب أكثر من ذي قبل، وسنمتصُّ - حتى في حالة قيام الخصومة بيننا - بعض أساليبها وأفكارها؛ فربما علمتنا الهند مقابل ما لقيتْه على أيدينا من فتح وعنجهية واستغلال، التسامح والوداعة اللذين يتصف بهما العقل الناضج، والقناعة المطمئنة التي تتميز بها النفس إذا كفت عن الجشع في جمع المال، وهدوء الروح البصيرة بحقائق الوجود، وحب الكائنات الحية جميعاً، الذي من شأنه أن يبث في الناس اتحاداً وسلاماً.