للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التقويم الروسي يتفق مع التقويم اليولياني، كما تستعمله الدول البروتستنتية، فتقرر أن تبدأ السنة بعد ذلك بيناير، وتؤرخ من مولد المسيح. وتذمر الشعب، فكيف يختار الله منتصف الشتاء زماناً للخليقة؟ وأنفذ بطرس ما أراد، ولكنه لم يجرؤ على تطبيق التقويم الجريجوري، الذي قبلته أوربا الكاثوليكية في ١٥٨٢، فحذف عشرة أيام كما اقتضته تلك "الحيلة البابوية" كان يسلب عدة قديسين أرثوذكس أعيادهم المقدسة.

ووفق القيصر الذي لم يهدأ له بال في مشروع آخر لا يقل عنتاً، هو إصلاح الأبجدية. ذلك أن الكنيسة الأرثوذكسية كانت تستعمل الأبجدية السلافونية القديمة، ولكن الطبقات الصناعية والتجارية اقتبست أبجدية أساسها الحروف اليونانية. فأمر بطرس بأن تطبع بها كل الكتب غير الدينية. واستورد المطابع واستقدم الطباعين من الأراضي المنخفضة، وبدأ (١٧٠٣) أول جريدة روسية، وهي "جازيتة سانت بطرسبورج"، وأمر بنشر كتب في التكنولوجيا والعلوم، ومول النشر، وأسس مكتبة سانت بطرسبورج، وأنشأ المحفوظات الروسية بأن جمع في المكتبة مخطوطات الأديار وسجلاتها وأخبارها. وفتح عدة معاهد تقنية وأمر بأن يلتحق بها أبناء الطبقة الأرستقراطية. وحاول أن ينشئ في كل إقليم "مدرسة للرياضيات"، وفي موسكو أنشأ مدرسة ثانوية "جمنازيوم" على غرار المدارس الألمانية لتعليم اللغات والأدب، والفلسفة، ولكن هذه المدارس لم يكتب لها طول البقاء. وفي ١٧٢٤ نظم أكاديمية سانت بطرسبورج، وجلب إليها علماء أفذاذاً كجوزيف دليل ليعلم الفلك، ودانيال برنوللي ليعلم الرياضيات. وبالحال من ليبنتز كلف (١٧٢٤) فيتوس بيرنج، الملاح الدنمركي، بأن يرأس بعثة إلى كمتشكا ليتبين هل آسيا وأمريكا متصلتان طبيعياً. وقد أقلع بيرنج بعد وفاة بطرس.

أما المسرح الروسي فكان على عهد ألكسيس لا يقدم غير الحفلات الخاصة. فرخص بطرس مسرحاً على الميدان الأحمر وفتحه للجمهور، واستقدم الممثلين الألمان، فمثلوا خمس عشرة مأساة وملهاة، منها بعض ملاهي موليير. وجلب الموسيقيين الأجانب لتأليف الأوركسترات. وأدخلت فيه روسيا السوناتا والكونشرتو، واتخذت الموسيقى العلمانية