للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عادت في عهد كاترين الثانية (١٧٦٢ - ٩٦)، وعاد الناس يطلقون لحاهم في عهد الاسكندر الثاني (١٨٥٥ - ٨١). واستمر الفساد، ولم يبد على الأخلاق أنها جنت شيئاً من وراء العهد، ولعل ما ضربه بطرس لشعبه من مثال في السكر، والإباحية، والتوحش، خلف الشعب أسوأ خلقاً من ذي قبل. ولم يبق من التغييرات إلا ما ضرب جذوره في الزمن.

لقد كان بطرس أحد شخصيات التاريخ الحديث الأقل ظفراً بحب الناس، ومع ذلك كان إنجازه هائلاً. واخفاقاته تنهض شاهداً على قيود العبقرية وحدودها عاملاً من العوامل المؤثرة في التاريخ، ولكن في البصمة التي تركها على روسيا ما يشيد بقوة الشخصية. فلقد أعطى روسيا جيشاً وبحرية، وفتح الثغور التي أتاحت لها الاتجاه مع الغرب في السلع والأفكار، وأرسي صناعة التعدين وتشغيل المعادن، وأنشأ للمدارس وأسس أكاديمية. وبجذبة وحشية واحدة انتزع روسيا من براثن آسيا وأدخلها أوربا، وجعلها عاملاً مؤثراً في الشئون الأوربية. فمنذ الآن ستضطر أوربا لأن تحسب حساباً أكثر فأكثر لقلب القارة الشاسع ذاك، ولتلك الجماهير الصلبة، الصابرة، المتجلدة، ومصيرها المحتوم.