للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المخلط الذي جمعه من ولايات لا يثير حماستها ولاء السلطان البعيد، أمام المسيحيين الذين ألهمهم الشعور بأنهم ينقذون أوربا والمسيحية. وبعد ثماني ساعات قطع الظلام القتال. فلما بزغ الفجر الجديد وجد المسيحيون الذين ما زالوا غير واثقين من النصر-لشدة فرحهم-أن الأتراك قد لاذوا بالفرار مخلفين وراءهم ١٠. ٠٠٠ قتيل ومعظم معدات الجيش في المعسكر. أما المسيحيون ففقدوا ٣. ٠٠٠ رجل.

وأراد سوبيسكي أن يطارد الترك، ولكن الجنود البولنديين رجوه أن يسمح لهم بالعودة إلى وطنهم بعد أن أدوا مهمتهم. ودخل الملك الظافر فيينا وكتدرائيتها ليقدم الشكر لله، وفي طريقه هتف له الشعب العارف بصنيعه منقذاً من السماء، وناضل أفراده ليلمسوا ثوبه ويقبلوا قدميه (٢٣)، وأحسوا أنه ما من شيء في سجل الفروسية يفوق مأثرته تلك. فلما عاد ليوبولد إلى عاصمته (١٥ سبتمبر) لم يلق غير استقبال فاتر من أهلها. وسأل معاونيه هل حدث أن استقبل إمبراطور مجرد ملك منتخب، وما المراسم التي يجب إتباعها في هذه الحالة. وتباطأ في لقاء سوبيسكي، وأخيراً حياه شاكراً له صنيعه شكراً متواضعاً، وقد توجس ما أن يكون الدافع للبطل في رغبته في مطاردة الترك خطة لاقتطاع مزيد من الملك لنفسه ولأسرته (٢٤). فلم تبدأ المطاردة إلا في ١٧ سبتمبر، ولم يلتحم الجيش بالترك المتقهقرين إلا بعد ذلك بعشرة أيام. وعند باركاني، قرب الدانوب، أحرز سوبيسكي وشارل انتصاراً حاسماً آخر. ثم قاد الملك جيشه عوداً إلى بولندة بعد أن أنهكه السير والقتال والدوزنتاريا، فدخل كركاو في ليلة ميلاد ١٦٨٣. وفي اليوم التالي أعدم السلطان قره مصطفى.

وألفت النمسا وبولندة والبندقية، بإلحاح البابا إنوسنت الحادي عشر، عصبة مقدسة لمواصلة الحرب ضد الترك (١٦٨٤). وفتح فرانشسكو موروزيني المورة (البلوبونيز) للبندقية، وفي ١٦٨٦ حاصر أثينا واستولى عليها في ٢٨ سبتمبر، وأثناء هذا الحصار دمرت مدفعيته البروبيلايا والبارتينون، اللذين استعملهما الأتراك مخزناً لبارودهم. وقد استعاد الترك أثينا وأتيكا في ١٦٨٨، والمورة في ١٧١٥. وفي غضون هذا هزم شارل اللوريني الترك في جران (ازترجوم) في ١٦٨٥، وفي السنة نفسها، وبعد عشر أيام من