هذه الأشياء دون أن يذرف عليها دموع الحزن والأسى (٥)؟ " وفي وسط فقر الجماهير كان العديد من السر النبيلة التي تربطها رابطة القرابة بالبابوات أو الكرادلة يتلقى الهبات السخية من إيرادات الكنيسة.
أما بابوات هذا العهد لميكونوا زهاداً كبيوس الخامس، ولا رجال دولة كسيكستوس الخامس، إنما كانوا في العادة قوماً طيبين، أضعف من أن يتغلبوا على الرذائل البشرية المحيطة بهم، أو يراقبوا مئات الثغرات والأركان التي ينفذ من خلالها أو يختبئ فيها الفساد في إدارة الكنيسة. ولعل أي مؤسسة بلغت هذا المبلغ من الاتساع وكثرة الواجبات لا يمكن وقايتها من الأخطاء الملازمة لطبيعة الإنسان. وقد جاهد إنوسنت العاشر، (١٦٤٤ - ٥٥)، "النقي الحياة المستقيم المبدأ (٦)" ليخفف من ثقل الضرائب، ويكبح استغلال النبلاء الجشعين للإيرادات البابوية، ويصون النظام والعدل في ولاياته. وتبدو عليه-كما صوره فيلاسكويز-كل مظاهر الخلق القوي، ولكنه سمح لغيره بأن يحكموا نيابة عنه، وترك أوليمبيا مايدالكيني، زوجة أخيه الجشعة الطموح، تؤثر في تعييناته وسياساته، فكان الكرادلة والسفراء يتذللون أمامها، وأثرت من هداياهم ثراءً صارخاً، ولكن لما مات إنوسنت زعمت أنها أفقر من أن تنفق على مأتمه (٧).
وروي أن كردينالاً قال في مجمع الكرادلة الذي اختار خليفته "يجب أن نبحث عن رجل أمين هذه المرة (٨) ". وقد وجدوه في شخص فابيو كيجي، الذي أصبح الاسكندر السابع (١٦٥٥ - ٦٧). وقد بذل قصاراه ليطهر الإدارة البابوية من الفساد وتعطيل الأعمال، ونفى أبناء أخيه النهمين إلى سيينا، وخفض الدين العام. غير أن الفساد الذي أحاط به كان أوسع وأعم من أن يستطاع قهره. فألقى السلاح، وسمح لأبناء أخيه بالعودة إلى روما، وخلع عليهم المناصب المجزية، فجمع أحدهم بعد قليل ثروة طائلة (٩). وانتقلت القوة من يدي الاسكندر المتعبتين إلى الكرادلة، الذين طالبوا بالمزيد من السلطة في حكم الكنيسة. ورحلت أرستقراطية من الأسر تفخر بكرادلتها محل الملكية المطلقة التي ثبتها مجمع ترنت من قبل البابوات.