استكثرت الآن من القصور بأسرع من الكنائس، وتوددت إلى الأجيال القادمة بالصور، وأهدتها مجموعات من التحف الفنية. وفي إيطالية القرن السابع عشر جرى تيارا الرعاية هذان جنباً إلى جنب في انحدار بهي من النهضة الأوربية.
وكانت تورين تتخذ طريقها إلى الثراء تحت حكم أدواق سافوي. وقد صمم جوارينو جواريني لكتدرائية سان جوفاني باتيستا "كابيل ديل سانتيسيمو سوداريو" أي كنيسة الكفن الأقدس (الذي اعتقد المؤمنون أن يوسف الرامي كفن فيه جسد المسيح). وقد انهارت قبة كنيسة سان فيلييو الكبرى، التي بدأها جواريني، قبيل أن تكتمل، فرممها فيلييو ايوفارا، الذي ولد سنة ١٦٧٦ قبل موت جواريني بسبع سنوات. ولعلنا نلتقي بايوفارا مرة أخرى.
وفي جنوة كان أروع بناء شيد في هذا العهد هو قصر دوراتزو الذي بناه فالكوني وكانتوني في ١٦٥٠، واشتراه بيت سافوي في ١٨١٧، واستخدم بعد ذلك قصراً ملكياً للأسرة. وقد تحطمت قاعة مراياه الشهيرة في الحرب العالمية الثانية، وكانت رائدة لقاعة مرايا فرساي (١٦٧٨)، فليس صحيحاً إذن أن مارس (إله الحرب) عشق فينوس يوماً ما. أما أبرز المصورين الجنوبيين الآن فكان اليساندرو مانياسكو، وقد نجد أنموذجا من فنه في لوحة "مجمع اليهود" المحفوظة بمعهد الفن بشيكاغو، أو لوحة "الغداء البوهيمي" المحفوظة باللوفر.
وواصلت البندقية إنجابها للأطفال والفنانين. وأي عمل أعظم بطولة من الدفاع عن كانديا ضد ترك؟ فطوال ربع قرن ظل جنود الباب العالي وبحارته يهاجمون كريت، وكانت يومها مستعمرة للبندقية، وهلك في تلك الحملات العنيفة ١٠٠. ٠٠٠ تركي (١٥)، ومع أن جيشاً عدته ٥٠. ٠٠٠ مقاتل استولى على بعض المدن الصغيرة في الجزيرة، فإن العاصمة صمدت للحصار عشرين عاماً، وصدت اثنين وثلاثين هجوماً. وفي ١٦٦٧ أرسل فرانشسكو موروزيني ليقود الحامية المشرفة على الموت جوعاً. وأخيراً سلمت (١٦٦٨)، ولكن أحداً لم يعد يتكلم على تدهور البندقية. وفي ١٦٩٣، عندما تقلد موروزيني إمرة الأسطول البندقي، تقهقر الأتراك حين اقترب منهم وقد روعهم