باروكة رجل، كثة عالية … ترتدي حذاء رجل، ولها نبرات صوت الرجل وكل تصرفات الرجل تقريباً، -تتظاهر بلعب دور المرأة المسترجلة (الأمازونة) .. وهي غاية في التأدب والمجاملة، وتتكلم ثماني لغات، لا سيما الفرنسية-وكأنها ولدت في باريس، إنها تعرف أكثر مما تعرف أكاديميتنا، مضافاً إليها السوربون، وتفهم التصوير فهماً جديراً بالإعجاب، وكذلك تفهم كل ما عداه. إنها لشخصية غاية في الغرابة (٣٢)".
وأنزلت جناح الملك في اللوفر. ثم صحبها دوق جيز بعد ذلك إلى كومبيين، حيث استقبلها لويس الرابع عشر، وكان يومها فتى وسيماً في الثامنة عشرة. والتفت سيدات القصر حولها كالفراشات، ولكن أربكهن استرجالها في اللباس والحديث. وذهبت مدام دموتفيل إلى أنها "تبدو لأول وهلة كأنها إحدى الغجريات سيئات السيرة" ولكن "بعد ذلك … بدأت آلف لباسها .. ولاحظت أن عيناها جميلتان متألقتان، وأن في وجهها رقة، ولطفاً يمتزج بالكبرياء. وأخيراً أدركت في دهشة أنها أرضتني (٣٣)". على أنه يمكن القول عموماً أن النساء اللاتي وشين ما في المجتمع الفرنسي من عادات وأزياء وبهجة وكياسة ورشاقة، هؤلاء ساءهن إهمال كرستينا لملبسها، و "إفراطها في الضحك، وتحررها في حديثها سواء عن الدين أو عن المواضيع التي تتطلب أصول اللياقة عند النساء مزيداً من التحفظ فيها .. وقد جهرت بأنها تحتقر جميع النساء لجهلهن، ووجدت لذة في التحدث إلى الرجال سواء في المواضيع الطيبة أو الخبيثة. وضربت بالقواعد كلها عرض الحائط (٣٤)". ويرى فولتير أن نساء المجتمع الفرنسي قسون في الحكم على هذه الملكة المتمردة لأنها لم تسر على الجادة. قال "لم يكن في البلاط الفرنسي امرأة واحدة وهبت ذكاءها (٣٥)". أما كرستينا فقد حكمت على سيدات البلاط بأنهن شديدات التكلف، وعلى الرجال بأنهم شديدو التخنث، وعلى الفريقين بالافتقار إلى الإخلاص. وفي سنليس، في طريقها عائدة من كومبيين إلى باريس، طلبت أن ترى "آنسة تدعى نينون (دلانكلو)، مشهورة بالرذيلة، والتهتك، والجمال، والذكاء. ولم تبد أي علامة من علامات الاحترام إلا لهذه المرأة وحدها، دون سائر النساء اللائي رأتهن في فرنسا (٣٦) ". وقد