للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالزواج (٣٨). ثم عادت إلى إيطاليا في ١٦٦٨، ومكث بها حتى ماتت.

وكانت تلك السنوات العشرون الأخيرة أجمل سني عمرها. وأصبح جناحها في قصر كورسيني أهم الصالونات في روما، وملتقى الأساقفة، والعلماء، والملحنين، والنبلاء، والدبلوماسيين الأجانب. هناك رحبت بأليساندرو سكارلاتي، وتلقت من أركانجلو كوريللي إهداء أول سوناتاته المنشورة. وزينت حجراتها بالصور والتماثيل وغيرها من التحف المنتقاة بذوق كان مثار إعجاب الخبراء، أما المخطوطات التي جمعتها فقد عدت فيما بعد من خيرة ما ضمنته مكتبة الفاتيكان من مخطوطات. وكانت تثبط الأسلوب المتكلف الذي نما في الشعر الإيطالي، وأثرت على جيدي ليتزعم حركة تعود إلى نقاء اللغة، واستقامة التعبير، اللذين سادا في أيام أسرة مديتشي. وكانت مذكراتها مثالاً للكلام البسيط القوي، و "أقوالها المأثورة". آراء جادة سديدة لامرأة خبيرة بالدنيا، لم تسمح لتقواها بأن تفسد استمتاعها بالحياة. ولم تكن متعصبة، فقد أدانت عنف الكاثوليك الفرنسيين في تنفيذ قانون فسخ مرسوم نانت، وكتبت تقول "إني أنظر إلى فرنسا نظرتي إلى مريضة بتر ذراعاها وساقاها علاجاً لمرض كانت تشفى منه تماماً بممارسة اللطف والصبر (٣٩) ". وذهب بيل إلى أن هذه العواطف بقية متخلفة من تربيتها البروتستنتية، فوبخته على هذا التفسير، فكتب إليها معتذراً، فغفرت له شريطة أن يوافيها بكتب جديدة أو غريبة (٤٠).

وماتت عام ١٦٨٩ بالغة الثالثة والستين، ودفنت في كنيسة القديس بطرس. وبعد موتها بثلاث سنوات أسس جوفاني ماريا كريسكمبيني تخليداً لذكراها "الأكاديمية الأركادية" وأكثر أعضائها الأوائل ممن اجتمعوا تحت جناحها. وواصلوا الصلة القديمة بين الشعر والرعوية، وسموا أنفسهم رعاة، واتخذوا أسماء ريفية، وعقدوا اجتماعاتهم في الحقول. وأنشئوا فروعاً في مدن إيطاليا الرئيسية، ومع احتفاظهم بالحيل البارعة ف بنيان قصائدهم، فإنهم أنهوا تسلط الأوهام على الشعر الإيطالي.