للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يحسبانه قد مات. ولكنه أفاق، وتزوج أورتنسيا، ورحل معها إلى جنوه. وهناك عثر عليهما مأجورو عضو الشيوخ، فطعناهما طعنات أودت بحياتهما (١٦٨٢) (٤٣). وظل الأوراتوريو الذي قيل أنه أنقذ حياته محتفظاً بشعبيته قرناً كاملاً، وقد مهد السبيل أمام هندل.

وغدت الأوبرا الآن هوساً في إيطاليا. فالبندقية وحدها كانت بها ست عشرة داراً للأوبرا في ١٦٩٩، وقد استمعت إلى قرابة مائة أوبرا مختلفة بين عامي ١٦٦٢ و ١٦٨٠ (٤٤). كذلك أقبلت نابلي على هذه الفرجة المشجعة بما يقرب من هذا التهافت. أما في روما فقد أصبحت الأوبرا رمزاً على حركة علمنة الموسيقى السائرة قدماً، وقد ألف كلمنت التاسع نفسه بعض الفكاهيات الموسيقية قبل أن يرتقي عرش البابوية (٤٥). وكان هناك اضمحلال مؤقت في جودة الأوبرا الإيطالية بعد مونتفردي ففقد الحبكات بعض وقارها ودلالتها، وازدادت سخفاً وعنفاً. وطور فرانشسكو كافاللي، أحد تلاميذ مونتفردي، اللحن المنفرد باعتباره أحلى جزء من العرض، وسرعان ما طالبت الجماهير بسلسلة من الألحان الدرامية، وكانت تحتمل فترات الاستراحة بصبر نافد. وقام الخصيان من الغلمان أو الرجال بكثير من أدوار السوبرانو أو الكونترالتو، ولكن البريمادونات بدأن الآن ينافسن الملكات. ووجه ملتن أغنيات لاتينية إلى ليونورا باروني، وخرجت نابلي على بكرة أبيها لترحب بأم ليونورا، أدريانا بازيلي، أعظم المغنيات السوبرانو إثارة للأحاسيس في زمانها-ولعل أجهزة المسرح الآلية بلغت في هذا العصر الغاية التي ما بعدها غاية. يقول مولمنتي أن مسرح سان كاسيانو، في بندقية القرن السابع عشر، كان يستطيع عند الطلب أن يعرض قصراً ملكياً، وغابة، ومحيطاً، وجبل أولمب، والجنة، ومرة علقت قاعة رقص كاملة الإضاءة، بكل أثاثها وراقصيها، فوق المسرح الثابت، وكانت تخفض لتستقر عليه أو ترفع لتواري عن الأنظار حسب مقتضيات القصة (٤٦). وحاول ماركانطونيو تشستي أن ينقذ الأوبرا من الأغنية، فأعطى مزيداً من الاتساع والبروز للاستهلال، ومن المنطق والرصانة للرواية، ثم نوع الغناء بالريستاتيف. وكان تشستي وكوريللي كلاهما مبعوثين موسيقيين، حملا الأوبرا الإيطالية الواحد إلى باريس على عهد لويس الرابع عشر، والآخر إلى فيينا على عهد ليوبولد الأول. وهكذا كانت