للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واللاهوتي ظل قائماً، نخفف منه المواساة المسيحية بين الحين والحين. ففي ١٦٦٠ أعدم حبران بالتهمة القديمة التي طالما استنكرها البابوات، وهي تهمة القتل الطقسي، وفي ١٦٦٣ لقي صيدلي يهودي في كراكاو الموت بتهمة لم تثبت عليه، وهي أنه كتب هجاء يندد فيه بعبادة مريم العذراء، وكان موته بالترتيب الهمجي الذي قضت به المحكمة: فبترت شفتاه، وأحرقت يده، وقطع لسانه، وأحرق جسده على الخازوق (٤٥). وأرسل قائد الطريقة الدومنيكية من روما (٩ فبراير ١٦٦٤) رسالة يحض فيها الرهبان الدومنيكان في كركاو "على الدفاع عن اليهود التعساء ضد كل قرية تفتري عليهم (٤٦) ". وفي لفوف غزا تلاميذ أكاديمية يسوعية حي اليهود، وقتلوا مائة منهم، وهدموا البيوت، وانتهكوا حرمة المجامع (١٦٦٤)، ولكن الطلبة اليسوعيين في فيلنو حموا اليهود من الغوغاء محدثي الشغب (١٦٨٢) (٤٧). وحاول سوبيسكي السمح الكريم (١٦٧٤ - ٩٦) جاهداً أن يطيب خاطر يهود بولندة، فأكد من جديد حقوقهم المنتهكة، وحررهم من قضاء السلطات البلدية الخاضعة لعواطف الجماهير، واستمع في تعاطف إلى المندوبين الذين قدموا التماسات اليهود إلى بلاطه. فما اختتم حكمه حتى كان اليهود البولنديون قد أفاقوا، عددياً، من ذلك العقد القاسي، ولكن أهواله ظلت عالقة أجيالاً بذاكرة اليهود.

لم يكن في روسيا، قانوناً، يهود قبل ١٧٧٢. وقد أبدى إيفان الرهيب رأيه فيهم في جوابه على طلب رجاه فيه سجسموند الثاني أن يسمح لليهود اللتوانيين بدخول روسيا للمتاجرة (١٥٥٠):

"ليس من المناسب السماح لليهود بالمجيء إلى روسيا بسلعهم لأن شروراً كثيرة تنجم عنهم. ذلك أنهم يدخلون الأعشاب السامة إلى مملكتنا، ويفتنون الروس عن المسيحية إذن ينبغي له (أي الملك) ألا بعيد الكتابة عن هؤلاء اليهود (٤٨) ".

ولما احتل الجيش الروسي مدينة الحدود البولندية بولوتسك (١٥٦٥)، أرسل إيفان أوامره بتحويل اليهود المحليين إلى المسيحية، أو إغراقهم. وحين نشبت الحرب بين روسيا وبولندة في ١٦٥٤ أدهش الروس أن يجدوا مدناً كثيرة في لتوانيا وأوكرانيا بها