للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أداة سوقية بعد أن بلغت عنفوانها في لوثر، ولم يرق كاتب ألماني واحد إلى مقام الشهرة الدولية خلال هذا التكفير الطويل عن جيل من حرب التقتيل بين الاخوة. أما النبلاء الألمان، الذين احتقروا الحذلقة اللاتينية للجامعات، فقد أرسلوا أبناءهم إلى "مدارس الفرسان Ritterakademien" أو كلفوا معلمين خصوصيين ليعدوا الشباب العريق النسب لما تتطلبه القصور الأميرية من واجبات ولطائف. وفي الطرف الآخر من السلم الاجتماعي نظم أوجست فرانكي، التقوى، في هاله معاهدة التي سماها Stiftungen، وهي مؤسسات خيرية هزأ منها الساخرون ووصفوها بـ "المدارس المهلهلة"، وظل طوال اثنين وثلاثين عاماً (١٦٩٥ - ١٧٢٧) يطعم فيها أبناء الفقراء ويكسوهم ويعلمهم. ولم يلبث أن أضاف إليها مدرسة أعلى توفر التعليم الثانوي لألمع فتيانه ومدرسة نظيرها لألمع فتياته. وهذه المدارس كلها كانت تخصص نصف وقتها للدين.

ووجدت الروح العلمانية في ألمانيا معبراً عنها في شخص كرستيان توماسيوس. وسنشيد بذكره فيلسوفاً في موضع لاحق، أما الآن فنراه أعظم المعلمين الألمان في جيله. فبعد أن طرد من موطنه في ليبزج لهرطقاته، رحل إلى هاله في دولة براندنبورج-بروسيا الناهضة (١٦٩٠)، وأدت محاضراته هناك إلى إنشاء الجامعة، وقد أصبح أشهر أساتذتها، والمناضل الذي جعل منها أول جامعة "حديثة". وقد هزأ بالسكولاستيه، وأحل الألمانية محل اللاتينية لغة للتعليم، وأصدر مجلة ألمانية، وأدخل البرامج العلمية في المنهج، وكافح في سبيل حرية المعلمين والطلاب في التفكير. ولقبه فردريك الأكبر أبا التنوير الألماني.

وجعل التعليم الأولي عاماً وإلزامياً للجنسين في دوقية فورتمبرج عام ١٥٦٥، وفي الجمهورية الهولندية عام ١٦٩٨، وفي دوقية فيمار في ١٦١٩، وفي إسكتلندة عام ١٦٩٦، وفي فرنسا عام ١٦٩٨، وفي إنجلترا عام ١٨٧٦. وكان تخلف إنجلترا راجعاً إلى الانتشار الواسع للتعليم الأهلي بفضل الهيئات الدينية الخاصة، وإلى شعور الطبقات الحاكمة بأن تعليم الفقراء في النظام الاقتصادي السائد آنئذ غير ضروري بل ربما كان غير مرغوب فيه. وقد بدأت "جمعية تشجيع