للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنهم صديقه جون واليس، القسيس الأنجليكاني، الذي أصبح أستاذاً "سافيلياً" للهندسة في أكسفورد عام ١٦٤٩ وهو في الثالثة والثلاثين، وشغل ذلك الكرسي أربعة وخمسين عاماً. وقد صرف النحو والمنطق واللاهوت قلمه عن العلم، ومع ذلك فإنه كتب بحوثاً ذات أثر في الرياضة والميكانيكا، والسمعيات والفلك، والمد والجزر، والنبات والفسيولوجيا، والجيولوجيا، والموسيقى، ولم يعوزه سوى بعض الحب والحرب لتكتمل شخصيته. ورسالته "في تاريخ الجبر وممارسته" (١٦٧٣) لم تسهم بأفكار أصيلة في ذلك العلم فحسب، بل كانت أول محاولة جدية في إنجلترا لكتابة تاريخ الرياضة. وقد ابتهج معاصروه بالجدل الطويل بينه وبين هوبز حول حساب تربيع الدائرة، وانتصر واليس، ولكن الفيلسوف العجوز واصل الكفاح إلى نهاية سنيه الواحدة والتسعين. ويذكر التاريخ واليس على الأخص بكتابه "حساب اللانهائيات" (١٦٥٥) الذي طبق طريقة كافالييري في اللامنقسمات على حساب تربيع المنحنيات، وبهذا مهد لحساب التفاضل المتناهي الصغر.

أما كلمة calculus فكانت تعني أصلاً أجراً صغيراً استعمله الرومان القدامى في العد، ولكن لا يستطيع تعريف حساب التفاضل على وجه الصحيح الآن غير الراسخين فيه (١). وقد لمحه أرخميدس من بعيد، واقترب منه كبلر، واكتشفه فيرما ولكنه لم ينشر كشوفه، وحمل كافالييري وتوريتشيللي في إيطاليا، وبسكال وروبرفال في فرنسا، وجون واليس وإسحاق بارو في إنجلترا، وجيمس وديفد جريجوري في


(١) أما بالنسبة لنا نحن غير الخبيرين به، فيمكن وصفه بأنه حساب المقادير القابلة للتغير، كمقادير الوزن، أو المسافة، الزمن، فمنسوب الماء الذي يسكب بسرعة متماثلة في مخروط مقلوب يرتفع بسرعة أقل فأقل، وحساب التفاصيل يحدد مبلغ ارتفاع المنسوب في أي وحدة زمنية معلومة. فالجسم الساقط في "وسط خال من المقاومة" يزيد من سرعة سقوطه مع كل زيادة في الزمن، وحساب التفاضل بين مدى سقوطه في أي فترة معينة. وأشكال هذا الحساب الأكثر تعقيداً تتناول إنشاء المماسات للمنحنيات، والمساحات المحاطة بمنحني، وتقريب الخطوط المستقيمة المضاعفة لا نهائياً إلى الدائرة. وحساب التفاضل المتناهي الصغر بحسب مقداراً قابلاً للتغير باختزاله دون حد إلى جزء دقيق جداً بحيث يمكن إهمال معدل التغير. وحساب التكامل يحسب مقداراً ما من واقع العلم بسرعة تغييره. وقد تبين أن جميع طرق الحساب هذه بالغة الفائدة للأعمال الهندسية.