والرؤية، وعلى عاداته لم ينشر كتابه "البصريات" إلا بعد خمس وثلاثين سنة، في ١٧٠٤، فقد كان بريئاً من شهوة النشر.
وفي عام ١٦٦٦ اشترى منشوراً من سوق ستوربردج وبدأ التجارب وبدأ التجارب في البصريات. وفي عام ١٦٦٨ فصاعداً صنع سلسلة من التلسكوبات. فصنع بيديه، على أساس النظريات التي شرحها مرسين (١٦٣٩) وجيمس جريجوري (١٦٦٢)، تلسكوباً عاكساً ليتفادى بعض العيوب الملازمة للتلسكوب الكاسر، وقدمه للجمعية الملكية بناء على طلبها عام ١٦٧١. وفي ١١ يناير ١٦٧٢ انتخب لعضوية الجمعية.
وكان قد توصل (١٦٦٦) إلى أحد كشوفه الأساسية حتى قبل أن يصنع التلسكوبات-وهو أن الضوء الأبيض، أو ضوء الشمس، ليس بسيطاً أو متجانساً، بل هو مركب من الأحمر، والبرتقالي، والأصفر، والأخضر، والأزرق، والنيلي، والبنفسجي. فلما مرر شعاعاً صغيراً من ضوء الشمس خلال منشور شفاف وجد أن الضوء الذي يبدو أحادي اللون انقسم إلى كل ألوان الطيف هذه، وأن كل لون مكون خرج من المنشور عند زاويته أو درجته أو انكساره الخاص، وأن الألوان نظمت نفسها في صف الحزم، مؤلفه طيفاً مستمراً، في أحد طرفيه اللون الأحمر وفي الآخر البنفسجي. وقد أثبت الباحثون اللاحقون أن المواد المختلفة، إذا جعلت مضيئة بحرقها، تعطي أطيافاً مختلفة. وبمقارنة هذه الأطياف بالطيف الذي يحدثه نجم معين، أصبح في الإمكان تحليل مكونات النجم الكيميائية إلى حد ما. ثم دلت الملاحظات الأدق لطيف النجم على السرعة التقريبية لتحركه نحو الأرض أو بعيداً عنها، ومن هذه الحسابات استنبط نظرياً بعد النجم. وهكذا تمخض كشف نيوتن لتكوين الضوء، وانكساره في الطيف، عن نتائج كونية تقريباً في ميدان الفلك.
ولم تتكشف هذه النتائج لنيوتن في ذلك الحين، ولكنه أحس (كما كتب لأولدنبرج) أنه توصل "إلى أغرب كشف إلى الآن أن لم يكن أهم كشف في عمليات الطبيعة (١٨) " فأرسل إلى الجمعية الملكية في بواكير عام ١٦٧٢ بحثاً عنوانه "نظرية جديدة في الضوء واللون". وقرئ البحث على الأعضاء في ٨ فبراير، فأثار جدلاً عبر المانش إلى القارة. وكان هوك قد وصف في كتابه "ميكروجرافيا"