الطلاب الآن عوناً كبيراً في نظرية نيوتن (٦١). أما في الميكانيكا فقد أثبت عمله أنه خلاق إلى غير حدود. كتب ارنسنت ماخ يقول:"إن كل ما أنجز في الميكانيكا منذ أيامه لا يعدو أن يكون تطويراً إستنتاجياً، شكلياً، رياضياً … على أساس قوانين نيوتن (٦٢) ".
وقد خشي اللاهوتيين لأول وهلة من تأثير كتاب "المبادئ" على الدين، ولكن محاضرات بويل التي ألقاها بنتلي (١٦٩٢)، بتشجيع من نيوتن، حولت النظرة الجديدة إلى العالم إلى تأييد الإيمان، لأنها أكدت على وحدة الكون ونظامه وعظمته الواضحة أدلة على حكمة الله وقوته وجلاله. على أن هذا النسق النيوتوني ذاته قبله الربوبيون على أنه يدعم إيمانهم، وهو القبول البسيط لإله واحد، أو حتى اعتبار الله واحداً هو والطبيعة وقوانينها، بدلاً من اللاهوت المسيحي. وأغلب الظن أن تأثير نيوتن النهائي في الدين كان ضاراً، فقد افترض أحرار الفكر أنه برغم تأكيداته، وملايين الكلمات التي احتوتها كتاباته اللاهوتية، أنه تصور عالماً قائماً بنفسه، وأنه أدخل الإله فيه فكرة لاحقة معزية. وفي فرنسا على الأخص شجعت كونيات نيوتن، رغم عرض فولتير لها عرضاً ربوبياً، إلحاد الكثيرين من "الفلاسفة" إلحاداً يقوم على ميكانيكية الكون.
وفي الفترة بين اضمحلال نظرية ديكارت في نشأة الكون في فرنسا (حوالي ١٧٤٠) وظهور نظريات النسبية وميكانيكا الكم في القرن العشرين، لم يصادف "نسق العالم" النيوتوني أي تحد خطير، وبدا مؤيداً من كل تقدم أو كشف في الفيزياء أو الفلك. والخلافات الرئيسية بين الفيزيائيين المعاصرين وميكانيكا نيوتن، على قدر ما يستطيع غير المتخصص فهم هذه الألغاز، هي:
١ - ذهب نيوتن إلى أن المكان والبعد، والزمان والحركة، أشياء مطفلة-أي أنها لا تختلف كما باختلاف أي شيء خارجها (٦٣). أما أينشتين فقد اعتبرها نسبية-تختلف باختلاف موقع وحركة المشاهد في المكان والزمان.
٢ - افترض أول قوانين نيوتن للحركة، في وضوح، أن الجسم قد "يستمر في حالة سكون، أو حركة منتظمة في خط مستقيم" ولكن