للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الألفاظ الخالية من المعنى في الميتافيزيقا، وعلى التحيزات التي نقلناها بحكم العادة أو التعليم أو روح التشيع والتحزب، إننا إذا استطعنا هذا فأي عبء نطرحه على كواهلنا، والعقل على أية حال ليس معصوماً من الخطأ! ولا يمكن إلا في الرياضيات، أن يزودنا بالحقيقة اليقينية التي لا ريب فيها. "إن معرفة النتيجة، التي قلت من قبل أنها تسمى العلم، ليست مطلقة، بل هي مشروطة. ولا يستطيع أحد أن يعرف عن طريق التعليل أن هذا الشيء أو ذاك كان أو يكون أو سيكون، مما يعرف بشكل مطلق، بل يعرف أنه حين يكون هذا يكون ذاك، وإذا كان هذا كان ذاك، وحين سيكون هذا سيكون ذاك، أي أن هذا الشيء أو ذاك يعرف مشروطاً" (٦).

وكما سبقت هذه العبارة حجة هيوم في أننا نعرف النتائج فقط دون الأسباب، فأن هوبز كذلك سبق لوك في علم النفس الحسي. أن كل المعرفة تبدأ بالحس "ليس ثمة فكرة في عقل الإنسان إلا تولدت بادئ ذي بدء، تامة أو على دفعات، في أعضاء الحس (٧) ". وهذا علن نفس مادي صريح: لا يوجد شيء خارجنا أو داخلنا- إلا المادة والحركة، وكل الصفات المحسوسة "أو حسية (الضوء، اللون، الشكل، الصلابة، النعومة، الصوت، الرائحة، الطعم، الحرارة، البرودة، هي في الشيء الذي يسببها أو يحدثها ليست إلا عدة حركات كثيرة للمادة تؤثر بها على أعضائنا بأشكال مختلفة، كما أنها، فينا نحن الذين تأثرنا بها، ليست إلا حركات مختلفة، لأن الحركة لا تنتج إلا حركة (٨) "، فالحركة في شكل تغيير أمر ضروري للحس- إن إحساسك- بنفس الشيء دائماً يساوي أنك لا تحس بشيء مطلقاً (٩). (وهكذا فأن الرجل الأبيض أو الرجل الملون لا يتنبه أي منهما إلى رائحته لأنها دائماً تحت أنفه).

ومن الحس يتابع هوبز سيره ليستخلص التصور والذاكرة عن طريق تطبيق فريد لما صار قانون الحركة الأول عند نيوتن:

أنه إذا بقي جسم ساكناً ما لم يحركه شيء آخر، فإنه يظل ساكناً إلى الأبد، فتلك حقيقة لا يشك فيها أحد. أما إذا كان الجسم متحركاً، فإنه يظل إلى الأبد إلا إذا أوقفه شيء آخر، فإنه على الرغم من أن