للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لشراء أصوات المواطنين أو المشرعين. ولم يتنبأ لوك بأن وليم الثالث الذي أعجب الفيلسوف به قد يضطر إلى شراء أصوات أعضاء البرلمان، وأن الأسرات القوية قد تستمر لمائة وأربعين عاماً بعده تتحكم في أصوات "المدن الفاسدة القابلة للرشوة" أو تقرر مصيرها. وينبغي أن تكون السلطة التشريعية مستقلة تمام الاستقلال عن السلطة التنفيذية، وأن يكون كل من جهازي الحكومة هذين رقيباً على الآخر.

ويقول لوك "ليس للحكومة من هدف إلا صيانة الملكية (حق التملك) (١٢١) " لقد كانت هناك شيوعية بدائية، حين نما الطعام دون زراعة، واستطاع الإنسان أن يعيش دون كد ولا كدح، ولكن عندما بدأ العمل انتهت الشيوعية، لأن الإنسان أخذ لنفسه، ملكاً خاصاً به، أي شيء ذا قيمة أضفاها عليه جهده هو. فالعمل إذن هو مصدر "٩٩%" من كل القيم المادية (١٢٢). (وهنا قدم لوك للاشتراكية الحديثة على غير قصد منه إطلاقاً، أحد مبادئها الأساسية). إن المدنية تنمو عن طريق العمل، ومن ثم عن طريق نظم الملكية بوصفها نتاج العمل. ومن الناحية النظرية ليس لإنسان لأن يمتلك أكثر مما يستطيع استخدامه (١٢٣). ولكن اختراع النقود مكنه من بيع فائض نتاج عمله، مما لم يستطع الانتفاع به، وعن هذا الطريق ساد التفاوت الكبير أو عدم المساواة في الملكية بين الناس- وربما كنا نتوقع، عند هذه النقطة، من لوك أن ينتقد تركيز الثروة، ولكنه بدلاً من ذلك نظر إلى الملكية مهما كان سوء توزيعها، على أنها أمر طبيعي مقدس، فاستمرار النظام الاجتماعي والمدنية يستلزم أن تكون حماية الملكية أسمى غرض للدولة. "وليس في مقدور السلطة العليا أن تستولي على أي جزء من أملاك الإنسان إلا بموافقته ورضاه (١٢٤) ".

وعلى هذا الأساس لم يقر أية ثورة تنطوي على التجريد من الملكية. ولكنه بوصفه نبي الثورة الجليلة وصوتها لم يستطع أن ينكر "الحق في قلب الحكومة (١٢٥) ". إن الشعب في حل من الطاعة إذا كان ثمة محاولات غير مشروعة للاعتداء على حرياته وممتلكاته، "لأن" هدف الحكومة هو الصالح العام للبشر. وأيهما أفضل لبني الإنسان: تعرض الناس دائماً للرغبة الجامحة في الطغيان، أو أن