للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

استنكاره لفعلتهم باعتبارهم "أحط المتوحشين"، ولكن صاحب الدار غلق الأبواب ومنعه من مغادرة الدار (٤٧). وترك جان دي ويت لسبينوزا في وصيته راتباً سنوياً قدره مائتا فرنك (٤٨) (١). وبعد موت دي ويت انتقلت السلطة المدنية إلى الأمير وليم هنري الذي كان في حاجة إلى تأييد رجال الدين الكلفنيين. ولما صدرت الطبعة الثانية من "الرسالة اللاهوتية السياسية ١٦٧٤، أصدر الأمير ومجلس هولندا مرسوماً يحظر بيع الكتاب، وفي ١٦٧٥ أذاع مجلس الكلفنيين في لاهاي بياناً يأمر فيه كل المواطنين بالإبلاغ فوراً عن أية محاولة لطبع أية مؤلفات لسبينوزا (٤٩). وفيما بين عامي ١٦٥٠ و١٦٨٠ - صدر من سلطات الكنيسة نحو ٥٠ مرسوماً بتحريم قراءة مؤلفات الفيلسوف أو تداولها (٥٠).

وربما ساعدت قرارات الحظر هذه على ذيوع شهرته في ألمانيا وإنجلترا وفرنسا. وفي ١٦ فبراير ١٦٧٣ كتب جوهان فابريشيوسي الأستاذ بجامعة هيدلبرج "إلى الفيلسوف الألمعي المشهور بندكت سبينوزا، باسم ناخب البالاتينات المتحرر، الأمير شارل لويس:

طلب إلى صاحب العظمة الأمير، أن أكتب إليكم .. لأسألكم إذا كنتم ترغبون في قبول منصب الأستاذية العادية للفلسفة في جامعته الشهيرة. وسيعطيك الراتب السنوي الذي يتقاضاه الأساتذة العاديون الآن. إنك لن تجد في أي مكان آخر أميراً أشد إيثاراً وأكثر عطفاً على العباقرة المرموقين الذين يعدك واحداً منهم. وسيكون لك مطلق الحرية في اتخاذ أي اتجاه فلسفي يعتقد الأمير أنك لن تسيء استخدامه في الفساد جو الديانة الرسمية علانية ....

وأجاب سبينوزا في ٣٠ مارس:

السيد الجليل،

إذا كانت قد راودتني الرغبة يوماً في شغل منصب


(١) يرتاب بعض الباحثين في معرفة سبينوزا بجان دي ويت. راجع كلارك-"القرن السابع عشر" ص: ٢٢٣.