للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(كما هو الحال في الحرب) بل تمكين أجسامهم وأذهانهم من أداء وظيفتها في أمان، أن غايتهم أن توجد الناس ليعيشوا على العقل السليم الصادق ويمارسوه .... أن غاية الدولة حقاً هي الحرية (١٧٠).

ونتيجة لذلك يجدد سبينوزا دعوته إلى حرية التعبير، أو على الأقل حرية الفكر، ولكنه استسلم مثل هوبز، للخوف من التعصب والصراع الديني، فاقترح، لا مجرد إخضاع الكنيسة للدولة، بل أن تحدد الدولة أي المذهب الدينية يلقن للناس.

وينتقل سبينوزا إلى بحث الأشكال التقليدية للحكومة، وإذ أصبح وطنياً هولندياً منبرماً يغزو لويس الرابع عشر لهولندا، فإن الملكية لم ترق في عينيه، وهاجم بشدة نظرية هوبز في الحكم الاستبدادي المطلق:

المظنون أن التجارب تعلمنا أن وضع السلطة في يد رجل واحد مدعاة للسلام والهدوء والانسجام، لأن أي نظام سياسي لم يكتب له البقاء طويلاً دون تغيير يذكر، مثل النظام التركي، على حين أن أي نظام لم يكن قصير الأجل تعتروه الفتن والمشاغبات سوى الدول ذات النظام الشعبي أو الديموقراطي. ولكن إذا كانت العبودية والوحشية والدمار تسمى سلاماً، لكان السلام أشد محنة تبتلى بها الدولة … إن الاسترقاق. لا السلام، هو الذي ينتج عن وضع السلطة في يد رجل واحد. فإن السلام لا يكمن في عدم وجود الحرب، بل في اتحاد نفوس الناس وانسجامها (١٧١).

وقد تكون الأرستقراطية "حكومة الصفوة" ممتازة، لو لم تكن هذه الصفوة خاضعة للروح الطبقية والحزبية العنيفة وجشع الفرد أو الأسرة. إذا تجرد الأرستقراطيون أو الأشراف من كل الأهواء وكانوا لا يصدرون في أعمالهم إلا عن غيرة على المصلحة العامة، لما كان ثمة دولة يمكن أن تقارن بالأرستقراطية. ولكن التجربة تعلمنا علم اليقين أن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن، أي أن الأمور تجري على عكس ما نريد (١٧٢).