الذين كتب لهم الخلاص، فيجدر بنا أن نذكر أن الشر لا يمكن أن يبدو ضئيلاً إلى حد العدم بالمقارنة مع الخير، إذا تأمل المرء السعة الحقيقية "لمدينة الله"(للجنة) .... وحيث أن هذا الجزء من الكون الذي نعرفه ليس إلا شيئاً لا يذكر إلى جانب الجزء الذي لا نعرف عنه شيئاً .... فقد يكون كل الشر ضئيلاً إلى حد العدم تقريباً، إذا قورن بالأشياء الطيبة الموجودة في الكون (٧٢) .... ولسنا بحاجة حتى إلى الموافقة على أن في الجنس البشري شراً أكثر مما فيه من خير، فإنه من الممكن، بل أنه لشيء معقول أن تكون سعادة غير المغضوب عليهم وكمالهم أعظم بكثير من شقاء المغضوب عليهم ونقصهم (٧٣).
وهذه الدنيا، مهما بدا من نقصها أمام أعيننا المشبعة بالأنانية هي أحسن ما كان يمكن أن يخلقه الله، حيث ترك البشر أناسي وأحراراً. وإذا كانت ثمة دنيا أحسن في حيز الإمكان فلنكن على يقين من أن الله يمكن أن يخلقها.
أن الكمال الأسمى لله يستتبع أنه في خلق الكون، اختار (سبحانه) أفضل خطة ممكنة، بما فيها أعظم تنوع مع أعظم نظام، وأفضل وضع ومكان وزمان ترتيباً، وأعظم النتائج توفرها أبسط الوسائل وأعظم قوة وأعظم معرفة وأعظم سعادة وأعظم خير في الأشياء المخلوقة التي سلم بها الكون أو أفسح لها مجالاً, وبما أن كل الأشياء الممكن وجودها تطالب بحق الوجود في عقل الله بنسبة درجة كمالها، فإن نتيجة كل هذه المطالبات لا بد أن تكون أكمل دنيا ممكنة فعلاً (٧٤).
ولا يمكن أن نوصي اليوم بقراءة شيء أكثر من ذلك في "ثيودوسية" ليبنتز، اللهم إلا الذين يقدرون لأعظم تقدير سخرية "كانديد" المريرة.