١٦٨٧) ليقدم الشكر لله على شفائه، حيته كل فرنسا الكاثوليكية وابتهجت لإبلاله من مرضه وكأنه يوم عيد.
قال فولتير "ومنذ ذلك الوقت لم يذهب الملك إلى المسرح قط (١٩)، أن المرح المقرون بالوقار والعظمة، والذي كان يميز النصف الأول من حكمه، وقد ولى ليحل محله وقار ورزانة قاربتا أحياناً الصرامة القاتمة والتزمت، ولكنه سمح بين الحين والحين بشيء من الإفراط في النوم والطعام (٢٠). وقد أضناه الإرهاق والتعب، وحيث شجعته مينتنون، فإنه أنقص من حفلات البلاط وعروضه، وأوى إلى حياة أكثر انعزالاً، قانعاً بألفة الحياة الأسرية التي عودته إياها زوجته. وظل مسرفاً في الإنفاق على القصور والحدائق، وظل مزهواً أبياً مثل صولجانه، حساساً مثل فكيه. وفي مارس ١٦٨٦ أجاز لرجل متذلل خنوع من رجال الحاشية، فرنسوا دي أوبيسون دوق دي لافياد فيما بعد، أن يقيم له في "ميدان الانتصارات" تمثالاً يرمز إلى أنه "الرجل الخالد". على أننا يجب أن نضيف أنه عندما أراد أوبيسون أن يضع، وفاء بنذر، أمام التمثال مصباحاً يضاء ليل نهار، حظر عليه الملك افتراض الألوهية والقداسة بهذا الشكل المبتسر غير الجائز.
وضربت جماعة محدودة من الأرستقراطيين المخلصين، على رأسهم دوق ودوقة شفريز، ودوقتي بوفليير ومورتمار، وبنات كولبير الثلاث، ضربت حول الملك وزوجته "نطاقاً كريماً من الأتقياء" وكان كثير منهم متمسكين بأهداب الدين حقاً، كما نقل بعضهم عن مدام جويون طمأنينتها المتصوفة. وحوالي هذا الوقت ألف شاعر فرنسي غير معروف الترنيمة الذائعة الصيت والمعروفة باسم "المؤمنون الأخيار" وشارك بقية أفراد البلاط، الملك مزاجه الجديد، ظاهرياً فقط. وتخلوا عن اللهو والعبث، وكثيراً ما حضروا القداس وتناولوا القربان المقدس، وقل شيئاً فشيئاً ذهابهم إلى الأوبرا والمسرح اللذين هبطا آنذاك بسرعة من عليائهما على عهد للي ومليير، واستمر الصيد والقنص والمآدب الباذخة وحفلات الرقص، ولعب الورق بمبالغ ضخمة، ولكن في جو من الاعتدال تشوبه مسحة من الكآبة. وأخفى المعربدون الصاخبون والمفكرون الأحرار في باريس رؤوسهم، انتظار للثأر في ظل وصي