يسلكه (٣٣)". وكانت قد كتبت في ١٦٩٢. "أن الملك يدرك ما يعانيه شعبه، وهو يتلمس كل الوسائل للتخفيف عنه (٣٤)"، ومما لا شك فيه أنها كانت تعرف ما كان يمكن أن يرد به الملك على فنيلون: أن مبادئ المسيحية لا يمكن أن تستخدم في إدارة شئون الدول، وأنه يمكن عدلاً التضحية بجيل من الفرنسيين، إذا كان في هذه التضحية تأمين لمستقبل فرنسا، بفضل حدود طبيعية يسهل الدفاع عنها، وأن أية محاولة للوصول إلى الصلح والسلام من أعداء متحالفين متعطشين إلى الانتقام، قد تعرض فرنسا للغزو والتمزيق. وإذ وقعت السيدة مينتنون في صراع بين دين الأخوة وبين فلسفة الحرب، فقد كثر ترددها على سان سير، والتمست في رفقة الراهبات الشابات السعادة التي فقدتها في الجاه والسلطان (٣٥).
وقبيل انتهاء الحرب قدم بييرلي بيزان، حاكم بواجلبرت، وقائد المنطقة المحيطة بروان، إلى وزير المالية بونتشارتران مشروعاً لتخفيف الفوضى الاقتصادية والضائقة العامة: "أصغ إلي في شيء من الصبر، إنك ستحسبني أول الأمر مجنوناً، ثم تتبين فيما بعد أني استحق أن تعيرني انتباهك، وسترضيك آخر الأمر أفكاري". ولكن بونتشارتران سخر منه وطرده. ونشر الحاكم الغاضب مخطوطته المرفوضة بعنوان "مشكلة فرنسا" (١٦٩٧) واستنكرت هذه الرسالة تعدد الضرائب التي يقع العبء الأكبر فيها على عاتق الفقراء، ولا يصيب الأغنياء منها إلا النزر اليسير، واتهمت الكنيسة بابتزاز الكثير من الأرض والثروة، وأنحى بأشد اللائمة على مديري المال الذين تمتد أصابعهم البغيضة إلى الضرائب التي يجمعونها للملك (٣٦). وأضعف من حجة الرسالة ما جاء بها من مبالغات وإحصاءات غير مدروسة، وآراء خاطئة عن تاريخ الاقتصاد الفرنسي قبل كولبير، ولكن زاد من قيمة الرسالة ما تضمنته من آراء ثاقبة ليست على استعداد لفهمها أي حكومة تعودت تقنين كا شيء وتحديده. وكان بواجلبرت من أوائل من رفضوا تضليل "المركنتلية" (نظام اقتصادي قائم على تنظيم حكومي استغلالي صارم)، بأن المعادن النفيسة تشكل في حد ذاتها ثروة، وأن الغرض من التجارة هو تكديس الذهب. وكان من رأيه أن الثروة هي توافر السلع والقدرة على أنتجاها، وأن الثروة الأساسية هي الأرض، وأن الفلاح عماد الاقتصاد، وأن دمار هذا الفلاح يعني دمار الجميع، حيث