كتاب قصة الحضارة

عصر فولتير - كلمة اعتذار - ج: 35 - ص: 8

اللاحقة، متمثلة في ثورة روسو على العقلانية، وجهد ايمانول كانت البطولي لإنقاذ اللاهوت المسيحي عن طريق الأخلاق المسيحية. وسوف تستكمل لوحة عصر فولتير في ذلك الجزء العاشر من قصة الحضارة" وتعرض خاتمة هذا المجلد التاسع الدفاع عن الدين، أما خاتمة "روسو والثورة" التي تلقي نظرة محيطة على المجلدات العشرة كلها، فستتصدى لسؤال يبلغ بموضوع الكتاب ذروته: ما هي عظات التاريخ وعبره؟.

ولقد حاولنا أن نصور الواقع بالمزج بين التاريخ والسير. وستثير هذه التجربة نقد الناقدين-ولا ضير في هذا، ولكنها تحقق هدف "التاريخ المتكامل". ذلك أن الأحداث والأشخاص تسير جنباً إلى جنب خلال الزمن دون اعتبار لأيها كانت الأسباب وأيها النتائج، والتاريخ يتكلم في الأحداث، ولكن خلال الأفراد. وليس هذا المجلد سيرة لفولتير، إنما هو يستخدم حياته الجوالة الثائرة نسيجاً يربط بين الأمم والأجيال، ويقبله بوصف أعظم الأعلام دلالة وأكثر إيضاحاً في الفترة بين موت لويس الرابع عشر وسقوط الباستيل. فمن من بين جميع الرجال والنساء الذي عاشوا في تلك الحقبة المضطربة أنصع من فولتير صورة في ذاكرة الناس، وأحظى بقراءتهم الكثيرة لأعماله، وأبقى تأثيراً فيهم اليوم؟ يقول جيورج برانديس "إن فولتير خلاصة قرن من الزمان (١) ". ويقول فكتور كوزان "إن الملك الحقيقي للقرن الثامن عشر هو فولتير (٢) ". فلنسر إذن خلف ذلك اللهب المتوهج خلال القرن الذي عاش فيه.