قُرَّاء اللغة الإنجليزية باسم "مجموعة الشذرات" أي شذرات كنفوشيوس، كما سماه "لج Legge" في إحدى نزواته، وليست تلك الكتب مما خطه قلم المعلم الكبير، ولكنها تسجل في إيجاز ووضوح منقطعي النظير آراءه وأقواله كما يذكرها أتباعه. وقد جمعت كلها بعد بضع عشرات السنين من وفاته، ولعل الذين جمعوها هم مريدو مريديه (٩٤)، وهي أقل ما يرتاب فيه من آرائه الفلسفية. وأكثر ما في الكتب الصينية القديمة طرافة وأعظمها تهذيباً ما جاء في الفقرتين الرابعة والخامسة (١) من الشو الثاني، وهو المؤلف المعروف عند الصينيين باسم الداشوه أو التعليم الأكبر. ويعزو الفيلسوف والناشر الكنفوشي جوشي هاتين الفقرتين إلى كنفوشيوس نفسه كما يعزو باقي الرسالة إلى دزنج- تسان أحد أتباعه الصغار السن. أما كايا- كويه العالم الصيني الذي عاش في القرن الأول بعد الميلاد فيعزوهما إلى كونج جي حفيد كنفوشيوس؛ على حين أن علماء اليوم المتشككين يجمعون على أن مؤلفهما غير معروف (٩٥). والعلماء كلهم متفقون على أن حفيده هذا هو مؤلف كتاب جونج يونج أو عقيدة الوسط وهو الكتاب الفلسفي الثالث من كتب الصين. وآخر هذه الشوءات هو كتاب منشيس الذي سنتحدث عنه توّاً. وهذا الكتاب هو خاتمة الآداب الصينية القديمة وإن لم يكن خاتمة العهد القديم للفكر الصيني. وسنرى فيما بعد أنه خرج على فلسفة كنفوشيوس التي تعد آية في الجمود والمحافظة على القديم متمردون عليها وكفرة بها ذوو مشارب وآراء متعددة متباينة.
(١) وهما اللتان نقلناهما فيما بعد في صفحتي ٥٤، ٥٥ من هذا الكتاب. (المترجم)