تكتم، وتحوط، حتى يشتري- بعد أن باع بعشرة آلاف جنيه بخسارة أربعة أو خمسة في المائة- أسهماً بمائة ألف جنيه، بأقل من السعر بعشرة أو اثنتي عشرة في المائة. وفي ظرف أسابيع، بعكس هذه الطريقة لا أكثر، يدفعهم جميعاً للتهافت على الشراء، فيبيعهم أسهمهم ثانية بربح يبلغ عشرة أو اثنتي عشرة في المائة (٢٧)".
ولم تكد تفتتح أسواق الأوراق المالية، حتى كان حرص الجمهور على تحقيق كسب دون عرق يثير موجات من المضاربة والانكماش. وقد جاء تضخم "فقاعة" بحر الجنوب (أي مشروعه الوهمي) في إنجلترا، ثم انهيار المشروع تالياً، في اتفاق غير عادي، لظهور وسقوط "فقاعة المسسبي" وصاحبها جون لو في فرنسا. ذلك أن الحكومة الإنجليزية، التي تأثرت بشكاوي بولنبروك، وسويفت، وغيرهما من أن الدين القومي- البالغ ٥٢. ٠٠٠. ٠٠٠ جنيه في عام ١٧١٤ - يفرض على الدولة عبئاً سنوياً مدمراً قدره ٣. ٥٠٠. ٠٠٠ جنيه من الفائدة- فكرت في خطة لتحويل ٣١. ٠٠٠. ٠٠٠ جنيه من الدين إلى شركة بحر الجنوب. وكانت الشركة قد أسست في ١٧١١ بمنحها احتكاراً للتجارة الإنجليزية مع المستعمرات الأسبانية في أمريكا وجزر المحيط الهادي. ودعى حملة الأوراق الحكومية ليستبدلوا بها أسهماً في الشركة. وأصبح الملك جورج الأول "محافظاً لها"، وبذلت كل الجهود لنشر الاعتقاد بأن مرسوم احتكارها يعد بأرباح عالية. وسرت العدوى من النجاح الظاهري لنظام لو في فرنسا المعاصرة إلى إنجلترا، فاعترتها حمى مضاربة مماثلة. وما مضت ستة أيام على عرض الشركة قبولها الأوراق الحكومية ثمناً لأسهمها حتى قبل الاقتراح ثلثا حملة الأوراق واشترى كثيرون غيرهم أسهماً ارتفعت في ظرف شهر واحد من ٧٧ جنيهاً إلى ١٢٣. ٥ (١٧١٩). ولكي يضمن مديرو الشركة استمرار التعاون الحكومي قرروا تقديم هدايا سخية من الأسهم لأعضاء الوزارة ولاثنتين من خليلات الملك (٢٨). وقد حذر روبرت ولبول، ولم يكن قد تولى منصب الوزارة بعد، مجلس العموم من المشروع لأنه "مضاربة … مؤذية"، وقال إن المشروع يستهدف رفع قيمة الأسهم رفعاً مفتعلاً بإثارة تهافت الناس عليها والإبقاء عليه، وبالوعد بأرباح من أموال لن تفي بالغرض، وتنبأ، في دقة عجيبة، بأن المشروع سيفشل، وأنه لو ترك