فإذا كان الأبوان فقيرين لم ينل الطفل حظاً من التعليم في المدرسة إطلاقاً. وكان هناك "مدارس خيرية" تقدم التعليم الأولي للجنسين ولجميع الطبقات مجاناً، ولكن حملة الملتحقين بها لم يتجاوز ٢٨. ٠٠٠ في ١٧٥٩، وكانت لا تقبل المنشقين عن الكنيسة الأنجليكانية، ولا تصل إلا لنسبة ضئيلة من الفلاحين، ولا تكاد تصل إلى فقراء المدن إطلاقاً. يقول حجة إنجليزي "إن الكثرة العظمى من الإنجليز كانوا يمضون إلى قبورهم دون تعليم"(٤٥). أما في طبقة الصناع فالتلمذة الصناعية تعد خير تعليم. وأما أطفال الطبقة الوسطى فيجدون مدارس يقوم عليها عادة "رجال محطمو الأعصاب، أو مفلسون، أو مطرودون من وظائف أخرى"(٤٦) وإلى ذلك "مدارس نسوية" تعلم فيها المعلمات المتواضعات مبادئ القراءة والكتابة والحساب والكثير من الدين للصبيان والبنات الذين يستطيع آباؤهم دفع مصروفاتهم. وفي جميع المدارس كان التركيز على تعليم الطلاب القناعة بمرتبتهم التي ولدوا فيها، وإبداء الخضوع الواجب للطبقات العليا.
وكانت قلة قليلة تدخل المدارس الثانوية حيث يستطيع الصبيان أن يضيفوا شيئاً من اللاتينية واليونانية إلى مبادئ القراءة والكتابة والحساب، لقاء رسوم متواضعة تبصر المعلمين بمكانهم الوضيع في السلم الاجتماعي. وكان النظام صارماً، وساعات الدرس طويلة تمتد من السادسة إلى الحادية عشرة والنصف صباحاً، ومن الواحدة إلى الخامسة والنصف مساءً. وأجود من هذه المدارس، المدارس الخاصة، وأشهرها ايتون، ووستمنستر، وونشستر، وشروزبري، وهارو، ورجبي-حيث يستطيع الشباب من الصفوة التحضير للجامعة نظير ستة وعشرين جنيهاً أو نحوها في العام، وادخار شارات كلاسيكية يتفاخرون بها في المستقبل. وإذ كانت هذه المدارس الخاصة لا تقبل غير صبيان الكنيسة الأنجليكانية، فإن المنشقين على هذه الكنيسة-من معمدانيين، ومشيخيين، ومستقلين، وتوحيديين، وكويكريين، ومجمعيين، ومثوديين-هؤلاء أنشئوا أكاديميات لشبابهم قل التركيز فيها على الكلاسيكيات القديمة، وازداد على اللغات الحديثة،