مقربة منه (وفي الشارع سجن للمدينتين). وكان في كل حانة تقريباً في تلك المنطقة كاهن من هذا النوع على استعداد لتزويج أي إنسان لقاء رسم، دون أن توجه إليه أسئلة أو يطالب بترخيص. وشاع عن أحد هؤلاء القساوسة أنه كان يعقد ستة آلاف قران في السنة. وكانت الزيجات تبرم في عاطفة مشبوبة، ثم تفسخ وقد ذابت حرارتها؛ وكان آلاف النساء يهجرن رجالهن، وكان البحارة يتزوجون وهم يقضون يوماً على البر، ويحبون، ثم يرحلون. ورغبة في القضاء على هذا المنكر أصدر البرلمان قانوناً (١٧٥٣) بألا يعتبر أي زواج شرعياً، باستثناء زيجات الكويكرز أو اليهود، ما لم يعقده قسيس أنجليكاني في كنيسة أبرشية، بعد نشر إعلان بالزواج في الكنيسة على مدى ثلاثة آحاد متعاقبة؛ وكل مخالف لهذا القانون يعاقب بالنفي إلى المستعمرات.
ولم يكن الطلاق مسموحاً به في إنجلترا (قبل ١٨٥٧) دون الحصول على قانون خاص من البرلمان (٥٣)، وكانت تكاليف هذا الإجراء تجعل منه ترفاً مقتصراً على الأغنياء. وفشا الفسق في جميع الطبقات إلا الوسطى، وضرب جورج الأول والثاني مثالاً في ذلك-والناس على دين ملوكهم. ففي عام ١٧٠٠ كتب كونجريف يقول "كل إنسان في هذا المجتمع ولد بقرون طالعة (٥٤) ". ولم تتغير الحال إلا قليلاً في ١٧٢٨، حين جعل الكاتب المسرحي "جاي" السيدة بيتشم في "أوبرا الشحاذ" تسأل زوجها عن ابنتها "بالله لم يجب أن تشذ ابنتنا بوللي عن بنات جنسها فتقصر حبها على زوجها؟ .. كل الرجال لصوص في الحب، ويزداد عشقهم للمرأة إن كانت ملك رجل آخر (٥٥) ". على أنه يمكن القول عموماً بأن أخلاق النساء كانت في إنجلترا خير منها في فرنسا، وأنه في الطبقات الوسطى، التي ظلت التقاليد البيورتانية فيها قوية، أوشكت العفة أن تكون إفراطاً في الاحتشام، وقد تجد من النساء زوجات من الطراز الذي يحلم به الرجال-صبورات، مجدات، وفيات. وكان المعيار ذو الوجهين مفروضاً ومقبولاً. فكانت النساء المهذبات يسمعن الكثير من الحديث النابي ويقرأن فيلدنج وسموليت، ولكن كان ينتظر منهن أن تحمر وجوههن خفراً مغرياً، وأن يغشي عليهن في لمح البصر.