وماتت صوفيا، ناخبة هانوفر الأرملة، وفي ١٧١٤، قبل أن تموت الملكة آن، ففقدت بذلك منصب الملك، ولكن ولدها نودي به على الفور ملكاً لبريطانيا العظمى وإيرلندة باسم جورج الأول. وفي سبتمبر وصل إلى إنجلترا، بادئاً عهداً جديداً في التاريخ الإنجليزي. وجلب معه ابنه وزوجة ابنه، وعدداً من المساعدين الألمان، وخليلتين، شارلوت فون كيلمانريجي، التي خلع عليها لقب كونتيسة دارلنجتن، والكونتيسة ميلوزينا فون در شولبورج، التي خلع عليها لقب كونتيسة كندال، وربما تزوجها. ولعل إنجلترا كانت متقبلة هذا الترتيب باعتباره متفقاً وأخلاقيات ذلك الزمان، لولا أن كلتا السيدتين كانت في عيون البريطانيين قبيحة غالية التكلفة، فميلوزينا تبيع نفوذها بأثمان باهظة، حتى أن ولبول شكا منها وهو رب الفساد والرشوة، وكان جواب جورج أن سأل ولبول: ألا يتقاضى هو نفسه أتعاباً لقاء توصياته على طلاب المناصب (١)؟
في ١٧١٤ كان جورج الأول في الحادية والخمسين من عمره، فارع الطويل عسكري السمت، "رجلاً بسيطاً فظاً". لا يكترث مثقال ذرة للكتب، ولكنه كان قد أثبت بسالته في أكثر من ساحل قتال. وقد قالت الليدي ماري مونتاجيو في وصفه أنه "رجل أبله أمين (٢) "، ولكنه لم يكن بالغباء الذي يبدو عليه، وقد اعترفت بأنه "كان طيباً على نحو سلبي، يود أن يستمتع الناس جميعاً بالهدوء لو أنهم تركوه يفعل ذلك (٣) ". وما كان أحد يتوقع أن هذا الرجل سيشعر بالاطمئنان واليسر في بيئة غريبة عليه كهذه البيئة، ومنصب قلق كهذا المنصب. فلقد استأجرته أولجاركية بريطانية ليحول دون رجوع الملكية الإستيوارتية مرة أخرى؛ ثم رأى أن هؤلاء الإنجليز المسيطرين، الذين هيمنوا على البرلمان، مصممون على الهيمنة عليه هو أيضاً؛ ولم يستطع أن يغتفر لهم تحدثهم الإنجليزية. واعتقد أنهم أدنى من عشرائه الهانوفريين. فاعتكف في خلوات قصر سانت جيمس، وهرب إلى هانوفر كل سنة تقريباً، وبذل ما وسعه من جهد ليوجه الأموال والسياسة الإنجليزية لحمايته إمارته المحبوبة.
وضاعف من محنته كره ابنه له لأنه اعتبره قاتلاً. ذلك أن جورج