الجديدة، وأن "تجارة كبيرة غير مشروعة قامت"، تدير الشركة بعضها، وتغضي عن بعضها الآخر. وكان رد أسبانيا على هذا تفتيش السفن الإنجليزية المشتبه في قياها بالتهريب. وزعم روبرت جنكنز أنه في أحد هذه التفاتيش (٧٣١) فقد إحدى أذنيه، وقد احتفظ بها، وعرضها على الناس في بريطانيا، وطالب عالياً بالانتقام. وصادر الأسبان بعض السفن الإنجليزية المشتغلة بالتجارة المشروعة، وأبقوا الأسرى الإنجليز راسفين في الأغلال، وقبض القراصنة الإنجليز على بعض الأسبان وباعوهم رقيقاً في المستعمرات البريطانية. واستمر التهريب، واحتجت الحكومة الأسبانية، وتباطأ ولبول الذي كان يكره الانتقاص من دخل شركة بحر الجنوب المكافحة للبقاء، رغم أنه اشتد في عقاب التهريب على السواحل الإنجليزية. وحبذت طبقة التجار الإنجليز الحرب، واثقين من التفوق البحري، آمنين من الغزو، متطلعين إلى أسواق جديدة وتجارة متسعة. وأثارت ثائرة الشعب قصص الوحشية الأسبانية، الصحيح منها والباطل. وكان الإنجليز المطالبون باتخاذ إجراء في الأمر يشاد بهم وطنيين بواسل، أما الذين نصحوا بالاعتدال فرموا بالجبن والخور. وعرض جنكنز على البرلمان أذنه في زجاجة (مارس ١٧٣٨)، فألقى بلتني، وبت، وغيرهما من المعارضين لولبول خطباً حماسية عن شرف إنجلترا (١). وفي لحن عسكري معارض نددت جماهير الشعب الأسباني بالإنجليز كلاباً مهرطقين، وانطلت عليها قصة زعمت أن ضابطاً إنجليزياً أكره أسبانيا نبيلاً على جدع أنفه وأكله.
أما الحكومتان فقد تصرفتا تصرفاً معقولاً. فنشر لاكوادرا، كبير الوزراء الأسبان، للاستهلاك الجماهيري خطاباً ساخناً وجهه إلى ولبول، ولكنه أخبره سراً بأن أسبانيا ترحب بتسوية النزاع بعد المفاوضة. ثم وقعت الحكومة البريطانية-في تحد لهذه الصورة
(١) يقول هوراس ولبول أنه حين مات جنكنز تبين أن له أذنين سليمتين تماماً. وتحدث بيرك عن "خرافة أذني جنكنز (٤٧) ". ونسبت رواية أخرى صلم الأذن لقرصان عاقبته بعد ذلك الحكومة الأسبانية (٤٨).