في إنجلترا دين (٢)". وهذا بالطبع تدريب على المبالغة اللافتة للأنظار، لأنه في تلك الفترة بعينها كان جون وتشارلز وسلي يؤسسان الحركة المثودية في أكسفورد. ولكن مونتسكيو، وهو رجل أرستقراطي، تنقّل أكثر ما تنقل بين أقطاب النبالة أو العلم، وهو يخبرنا أنه في هذه الجماعات "إذا ذكر الدين ضحك الجميع (٣)". وهذا أيضاً يبدو غلواً في القول؛ ولكن لنستمع إلى اللورد هرفي، الذي كان يعرف تقريباً كل رجل وامرأة ومنحرف بين علية القوم:
"إن خرافة المسيحية هذه … قد نسفت الآن (١٧١٨) في إنجلترا، حتى ليكاد أي رجل عصري أو ذي مكانة يخجل من الاعتراف بمسيحيته خجله في الماضي من الجهر بتجرده من أي دين. وحتى النساء اللائي كن يفخرن بذكائهن حرصن على أن يفهمن الناس أن الميول المسيحية هي ما يحتقرن الالتزام به (٤)".
في تلك الطبقات أو العقول الرفيعة كان الدين يعني أما نعاس صلاة القداس الأنجليكاني أو "حماسة" المذاهب المنشقة، وعما قليل سيعرف الدكتور جونسن الحماسة بأنها "إيمان مغرور بالإلهام الخاص"-وبالمعنى الحرفي "إله في باطن الإنسان". وكانت الكنيسة الرسمية قد فقدت كرامتها ونفوذها بمساندتها الاستيوارتيين ضد الهانوفريين وحزب الأحرار المنتصر؛ وخضعت الآن للدولة، وغدا قساوستها أتباعاً أذلاء للطبقة الحاكمة. وكان القسيس الريفي هو الهدف المفضل لهجو الأدباء أو سخرية السوقة، وقد كرم فيلدنج من شذوا عن هذه القاعدة في شخص القس آدمز. وغلبت الفوارق الطبقية في الكنائس، فكان للأغنياء مقاعد خاصة قرب المنبر، وجلس عامة الناس أو وقفوا في المؤخرة، فإذا قضيت الصلاة لزم العامة أماكنهم ريثما يخرج صف الكبراء في وقار بطيء (٥). وفي بعض كنائس لندن، حيث يكثر عدد الفقراء القادمين للعبادة، كان المصلون من أصحاب البواريك يهربون بعد أن يقفلوا مقاعدهم خلفهم (٦)، ملتمسين هواء أكثر نقاء.
وكان بعض الأساقفة الأنجليكان أمثال بطلر، وباركلي، ووربرتون، رجالاً متبحرين في العلم؛ وكان اثنان من هؤلاء على خلق عظيم، ولكن