للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له تأثير في المذاهب الأخرى؛ مثال ذلك ما حدث في الكنيسة الأنجليكانية التي رفضت المثودية، إذ بعثت المثل المثودية العليا الحركة "الإنجيلية" في النصف الثاني من القرن الثامن عشر، ولعلها دخلت في حركة أكسفورد في القرن التاسع عشر. أما من الناحية السياسية فإن النتائج كانت استسلاماً محافظاً بين الطبقات العاملة حتى ١٨٤٨. وأما من الناحية الخلقية فإن المثودية حسنت السلوك الشخصي والحياة العائلية بين الفقراء وشاركت في تقليل الفساد الانتخابي والرسمي، وأخزت الكثيرين من طبقة السادة فأقلعوا عن الطيش والرذيلة، وهيأت لنفور الإنجليز من تجارة الرقيق. وأما من الناحية الثقافية فإن الحركة كانت سلبية. لقد أعطت الشعب ترانيم مقدسة، ولكنها واصلت العداء البيورتاني للفن. وأما من الناحية الفكرية فإنها كانت خطوة إلى الوراء فقد أرست عقيدتها على الخوف، وشعائرها على العاطفة، وأدانت العقل بوصفه فخاً للإنسان. وفي الصراع الكبير بين الإيمان والعقل علقت كل آمالها على الإيمان، ولم تضع أي ثقة في تقدم المعرفة والعلم، وتجاهلت أو احتقرت "التنوير" الذي أخذ يشعل النار في فرنسا. وشعرت أن هدف الحياة ومعناها الوحيد هو الهروب من الهلاك الأبدي، وأن الشيء الوحيد المطلوب لهذه الغاية هو الإيمان بالموت الفادي الذي ماته المسيح.

وفي يناير ١٧٩٠، حين بلغ وسلي السادسة والثمانين، كتب في يوميته يقول "بتّ الآن شيخاً متهدماً من رأسي إلى قدمي. عيناي معتمتان، ويمناي تهتز بشدة، وفمي ساخن جاف كل صباح، وتنتابني حمى طويلة كل يوم تقريباً. ولكني بفضل الله لا أخفف من جهدي. ففي استطاعتي أن أعظ وأكتب إلى الآن (٦٦) ". وبعد شهرين بدأ جولة خطابية اتصلت خمسة أشهر وجابت به أرجاء إنجلترا وإسكتلندة. وقضى نحبه في العام التالي (٢ مارس ١٧٩١). ولو حكمنا على عظمة الأفراد بمدى تأثيرهم لقلنا أنه-باستثناء بت-كان أعظم الإنجليز في زمانه.