للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سواء كان هذا الشر رغبة الطفل في التملك أو رغبة الإمبراطوريات في الفتح والاستعمار. ويعجب مودي كيف يدين الناس أجمعون من يسرق خنزيراً ويعاقبونه أشد العقاب، أما الذي يغزو مملكة ويغتصبها من أهلها، فإنه يعد في أعين أمته بطلاً من الأبطال ومثلاً أعلى للأجيال المقبلة (١٥٤). ثم ينتقل مودي من هذه المبادئ السلمية إلى توجيه أشد النقد إلى قيام الدولة حتى لتكاد عقيدته السياسية تقترب كل القرب من الفوضى، وحتى أزعجت هذه العقيدة ولاة الأمور في عصره (١٥٤). ويؤكد لنا كتاب سيرته أن مهندس الدولة في مملكة جو هَمَّ بغزو دولة سونج ليجرب في هذا الغزو سلماً جديداً من سلالم الحصار اخترعه في ذلك الوقت؛ فما كان من مودي إلا أن أخذ يعظه ويشرح له عقيدة الحب والسلم العالميين حتى أقنعه بالعدول عن رأيه، وحتى قال له المهندس: "لقد كنت قبل أن ألقاك معتزماً فتح بلاد سونج، ولكني بعد أن لقيتك لا أحب أن تكون لي ولو سلمت إلي من غير مقاومة ومن غير أن يكون ثمة سبب حق عادل يحملني على فتحها". فأجابه مودي بقوله: "إذا كان الأمر كذلك فكأني قد أعطيتك الآن دولة سونج. فاستمسك بهذه الخطة العادلة أعطك ملك العالم كله" (١٥٥).

وكان العلماء من أتباع كنفوشيوس والساسة أتباع لوينج يسخرون من هذه الأفكار السلمية؛ ولكن مودي رغم هذه السخرية كان له أتباع، وظلت آراؤه مدى قرنين كاملين عقيدة تدين بها شيعة تدعو إلى السلام، وقام اثنان من مريديه وهما سونج بنج، وجونج سون لونج بحملة قوية لنزع السلاح، وجاهدا في سبيل هذه الدعوة حق الجهاد (١٥٧). وعارض هان- في أعظم النقاد في عصره هذه الحركة، وكان ينظر إليها نظرة في وسعنا أن نسميها نظرة نيتشية، وكانت حجته في معارضته أن الحرب ستظل هي الحكم بين الأمم حتى تنبت للناس بالفعل أجنحة الحب العام.

ولما أصدر شين هوانج- دي أمره الشهير "بإحراق الكتب" ألقيت