يتحدث عن مواطن الضعف وعن الأخطاء الجسمية وأفعال القسوة حيث الطبيب عن الأوبئة (١٤١)".
أما النقاد البريطانيون فلم يوافقوا فولتير. فهو لم يأخذوا على هيوم إنه قل أن رجع إلى المصادر الأصلية، بل (كما ذكر فيما بعد) "هوجم بصيحة واحدة كلها لوم واستنكار، بل بغض وكراهية. فالإنجليز، والاسكتلنديون، والإيرلنديون، والأحرار، والمحافظون، ورجال الكنيسة الأنجليكانية وأتباع المذاهب المنشقة، وأحرار الفكر المتدينون، والوطنيون والحاشية- كل أولئك أجمعوا على السخط على الرجل الذي جرؤ على أن يذرف دمعة كريمة على مصير تشارلز الأول وايرل سترافورد. وبعد أن همدت السورة الأولى لغضبتهم، كان أشد خزياً ما بدأ من أن الكتاب طوى في زوايا النسيان. وقد أخبرني المستر ملر أنه لم يبع خلال اثني عشر شهراً إلا خمسة وأربعين نسخة منه (١٤٢)".
وقد فت هذا في عضده حتى لقد حدثته نفسه حيناً بأن يرحل كما رحل في شبابه إلى مدينة من مدن الأقاليم في فرنسا، حيث يستطيع العيش باسم منتحل. ولكن فرنسا وإنجلترا كانتا تقتتلان، وقد أوشك المجلد الثاني على نهايته، فاعتزم أن يواصل العمل. وازداد تحيزه بسبب ما لقي من معارضة، ففي تنقيحه للمجلد الأول أدخل "نيفا ومائة تغيير". ولكنه يقول بكل البهجة الخبيثة التي يستشعرها عفريت ضخم "جعلتها كلها في صف المحافظين (١٤٣)" ومع ذلك بيع من المجلدات التالية عدد لا بأس به، ورحب به المحافظون الآن محامياً شديد المرس، وسلم بعض الأحرار بسحر أسلوبه البسيط، الواضح، البتار، الصريح، الذي سبق أحياناً وقار جبون الحصيف. فوصفه للصراع المثير بين هنري الثاني وتوماس أبيكيت يضارع رواية جبون لاستيلاء العثمانيين على القسطنطينية. ورفع تأثير المجلدات الستة المتراكم صيت هيوم إلى ذروته. وفي ١٧٦٢ ذهب بوزويل في تقديره له إلى أنه "أعظم الكتاب في بريطانيا (١٤٤)"- ولكن بوزويل كان اسكتلندياً. وفي ١٧٦٤ صرح فولتير في تواضع بأن الكتاب "ربما كان أفضل تاريخ كتب في أي لغة إطلاقاً (١٤٥) " وقد زاحه جبون وماكولي إلى الظل، ووازن ماكولي تحيزه بتحيز معادل، ولا ينصحنا