تحت شارع معترض ليخرج منه إلى الحديقة؛ وزين هذه "المغارة" زينه حالمة فيها الأصداف، والبلورات، والمرجان، والمتحجرات، والمرايا، والمسلات الصغيرة. في هذه الخلوة اللطيفة الجو استضاف الكثير من الأصدقاء المشهورين- سويفت، وجراي، وكونجريف، وبولنبروك، وآربثنوت، والليدي ماري ورتلي مونتاجيو، والأميرة كارولين، وفولتير. وكانت الليدي ماري جارته في حي أطلقا عليه اسم "تويتنام"؛ وكان بولنبروك يسكن دولي على مقربة منه، ولندن لا تبعد أكثر من أحد عشر ميلاً في نزهة لطيفة بالقارب على التيمز، وأقرب منها القصور الملكية في رتشموند، وهامتن كورت، ووكيو.
وانضم الدكتور جون آربتنوت، الذي أضفى كتابه "تاريخ جون بول"(١٧١٢) على إنجلترا شخصية واسماً، إلى سويفت، وكونجريف وجراي، وبوب، في نادي سكربليروس الشهير (١٧١٣ - ١٥)، الذي كرس للتهكم على كل ضروب الدجل والعجز. وأضيف كل ضحاياهم إلى القائمة المتعاظمة من خصوم بوب. وكان له مع الليدي ماري مغامرة اختلط فيها الواقع بالأدب وانتهت بعداوة مرة. وساكنه سويفت أحياناً، كما حدث أيام نشره "رحلات جلفر"(١٧٢٦)، وتبادل الاثنان بغضهما للبشر، وبعض الرسائل التي كشفت عن رقة مخبؤه تحت دروعهما القاسية (٢٣). أما معرفة بوب ببولنبروك فقد بدأت حوالي ١٧١٣، وتطورت إلى تأثير فلسفي. وقد أثنى الواحد منهما على صاحبه ثناء يبعث على الغثيان لغلوه، فقال بوب "أعتقد حقيقة أن في ذلك الرجل العظيم شيئاً يبدو أنه وضع هنا خطأ من عالم أعلى"، وقال بولنبروك وبوب يحتضر "لقد عرفته هذه السنين الثلاثين، ويزيد تقديرك لنفسي بسبب حبي لهذا الرجل"- وهنا خانه صوته كما تقول القصة (٢٤).
ولا بد أنه كان هناك شيء يحب في هذا الشاعر الذي صورته الرواية المتواترة، بل صوره قلمه هو أحياناً، إنساناً مشاغباً خداعاً خسيساً مغروراً. وينبغي أن نذكر دائماً أنه كان ممروراً- وله العذر- بسبب ما استشعره كل يوم من مذلة عجزه البدني. لقد كان في صباه جميل الصورة، لطيف الطبع، وقد ظل وجهه دائماً جذاباً، ولو