للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بصورة لا تتفق ولغة الدين. فهاجر إلى لندن، وسرق ماله في الطريق، وأشرف على الهلاك جوعاً، وباع قصيدته "الشتاء" (١٧٢٦) ليشتري حذاء (٥٥). على أن إهداءه إياها إلى السر سبنسر كونتن أتاه بعشرين جنيهاً ثمناً لثنائه؛ ولا غرابة فإن النبلاء الإنجليز لم يكونوا صماً أو بخلاء بالقدر الذي خاله جونسون. وتصور طومسن في قصيدته صوت النعال وهي تطحن قشرة الجليد، وكيف:

"سمع الرياح تزأر والسيل العميق يهدر،

أو رأي العاصفة العميقة الثوران تتجمع

في سماء المساء الكالحة؛ "

وكيف راقب من الشاطئ الرياح وهي تحرث البحر، وتقلب "اليوم من قاعه وقد تغير لونه"، وتمزق المراكب من مراسيها، وترفعها رفعاً خطراً فوق موجة تهوي بهاهوياً منذراً تحت أخرى، وتقذف بها فوق "صخر مدبب أو مياه ضحضاحة غادرة" ثم تبددها "شظايا متناثرة … تطفو في حركة دائرة". وصور الفلاح وقد اقتنصته عاصفة من الثلج الذي يعمي العيون، تغوص قدماه المتجمدتان في الثلوج العميقة وهو يكافح في سيره، حتى يعجز عن رفع حذائه، فيقع منهوكاً فريسة للموت متجمداً.

"أواه، ما أقل ما يخطر ببال المستكبرين، المستبيحين المرحين، كم من الناس يحسون في هذه اللحظة بالموت

وكل ضروب الألم الحزينة .. ..

وكم يذوون في الفاقة وغياهب السجون محرومين مما ينعم به الخلق كلهم من تنسم الهواء

وتحريك الأطراف، وكم يتجرعون كأس

الحزن القاتل، أو يأكلون خبز الضيق المر، وقد اخترمت أجسامهم رياح الشتاء،

وكم ينكمشون في ذلك الكوخ القذر،

كوخ الفقر التعس".

هنا نغمة جديدة من الشفقة تخزي "بل مل" وداوننج سترتت،