وأرسل إلى ولبول، بعد أن اصطلحا، (١٧٥٠)"مرثية مكتوبة في فناء كنيسة ريفية". وداولها ولبول بين أخصائه وطبعها ناشر لص وحرفها .. وحماية لشعره سمح جراي لددسلي بأن يصدر نسخة أفضل وإن شابها النقص هي أيضاً (١٧٥١)، في هذه القصيدة التي تعد من أروع قصائد القرن ألبس جراي الاكتتاب الرومانسي لبوساً كلاسيكياً دقيق النحت، مستبدلاً بمقطوعات بوب الزوجية العالية الرنين رباعيات هادئة تتحرك في وقار شجي التي خاتمتها الحزينة.
وفي ١٧٥٣ ماتت أمه، فكتب لها قبرية رقيقة، ودفن همومه في الشعر. وفي قصيدة غنائية عن "تقدم الشعر" حياً انتقال ربات الفن والأدب من اليونان والرومان إلى "ألبيون"، واعترف بتطلعات صباه إلى مباراة الشاعر بندار، والتمس من الشعر أن يهبه عطية "العقل الذي لا يقهر". وفي قصيدة غنائية أكثر شموخاً حتى من هذه، واسمها "الشاعر"، رأى جراي في الشعراء ضرباً من التكفير عن سيئات الحياة البريطانية يفضح الرذيلة والطغيان. هاتان "القصيدتان الغنائيتان البنداريتان"، اللتان نشرتهما مطبعة ولبول في ستروبري هل، بلغتا في افتعال الشكل والازدحام بالشواهد القديمة والوسيطة مبلغاً جعل فهمها عسيراً على القراء إلا الراسخين منهم في الأدب. وقد لف جراي نزوعه هذه للعزلة في ثوب من الكبرياء فقال "ما كنت لأصيف حاشية (تفسيرية) أخرى لأنقذ أرواح جمع البوم الذين في لندن. إن الوضع الراهن حسد جداً-فلا أحد يفهمني، وأنا راض بهذا تمام الرضي. وكان اليوم معتاداً على مثل هذا الصفير في الظلام.
وإذا انكفأ مكتئباً إلى غرفته ببيتر هاوس في كمبردج يعاني من فقر وتهيب منعاه من الزواج، ومن حساسية شديدة قعدت به عن النضال الحياة، فقد أمسي إنساناً منطوياً حزيناً؛ وروعه بعض الطلاب ذات ليلة، وقد ساءهم منه عزوفه ووقاره، وعرفوا فيه الخوف من النار، فصاحوا تحت نافذته بأن الردهة تحترق. وفي رواية مختلف عليها أنه أدلى نفسه من النافذة وهو في قميص النوم وانزلق على حبل-ليقع في حوض ماء وضعه العابثون ليتلقاه (٥٨). وفي ١٧٦٩ جاب إقليم البحيرات الإنجليزية، وفي اليومية التي كتبها (بخط غاية في الجمال) جعل إنجلترا تدرك لأول مرة جمال ذلك الإقليم. وفي جولة أخرى