إهمالا واضحاً في تويكنهام. وقد جعلت موت أبيه (١٧٢٧) رجلاً عريض الثراء، فزودها بحوائجها المادية، ولكنه تركها لمواردها الخاصة في شئون الحب. وأخذ ابنها يثبت أنه وغد كسول. أما ابنتها التي غدت امرأة ذكية مهذبة فكانت سلواها الوحيدة. وحاول اللورد هرفي أن يحتل مكان بوب في حياتها، ولكن كان في طبيعة جسمه ما جعله لا يستطيع أن يغتفر لها، ولا لزوجته، كونها امرأة. ولا بد أنه عرف بتقسيم الليدي ماري النوع الإنساني إلى رجال، ونساء، وهرفيين (١٣٥).
وفي ١٧٣٦ دخل نيزك إيطالي فلكها وغير مساره. ذلك هو فرانتشسكو الجاروتي، الذي ولد بالبندقية في ١٧١٢، وكان قد أثار بعض الضجة في دنيا العلم والأدب الخالص. وفي ١٧٣٥ كان ضيفاً في بيت فولتير ومدام دشاتليه في سيريه حيث درس ثلاثتهم نيوتن. ثم قدم إلى لندن بخطابات تعريف من فولتير، واستقبل في البلاط، والتقى بهرفي وبالليدي ماري على طريقه. ووقعت في غرامه كما لم تقع قط في غرام ورتلي لأن قلبها كان خالياً، ولأنه كان جميلاً، ذكياً، شاباً. وكانت ترتعد حين يخطر لها أنها في السابعة والأربعين وأنه في الرابعة والعشرين. وبدا أن طريقها إلى الرومانس قد غدا ممهداً من زواج ابنتها بايرل بيوت (أغسطس ١٧٣٦). فلما سعت أن الجاروتي عائد إلى إيطاليا أرسلت إليه خطاباً يفيض بعاطفة الصبايا المشبوبة:
"لم أعد أعرف بأي طريقة أكتب إليك. فمشاعري أقوى مما ينبغي، وليس في طاقتي أن أفسرها ولا أن أخفيها. فلكي تغتفر لي رسائلي يحب أن تجيش في صدرك حماسة كحماستي. وأنني لأرى كل ما في هذا من حماقة دون أي أمل في إصلاح نفسي. فمجرد فكرة مشاهدتك أعطتني نشوة تذيبني، فماذا جرى لتلك اللامبالاة الفلسفية التي صنعت مجد أيامي الماضية وهدوءها؟ لقد فقدتها غلى الأبد، ولو أن هذا الغرام المشبوب شفى لما رأيت أمامي غير الملل القاتل. فاغفر هذا الشطط الذي كنت السبب فيه، وتعال لتراني (١٣٦) ".
وأتى، وتناول العشاء معها عشية رحيله. وكان هرفي قد دعاه أيضاً، فلم يلب دعوته. فجن من الغيرة، وكتب إلى الجاروتي طعناً