ويشخر فوق نوله، ويقرأ الكتب الخبيثة مثل "مول فلاندرز"، ويسكر ويقامر وينشل، ثم يؤتى به أمام الحاكم جودتشايلد الذي يحكم عليه بالشنق وهو يبكي شفقة عليه. وقابلت محفورتان، هما "زقاق الجن" و "شارع الجعة"(١٧٥١) بين "النتائج الرهيبة لشرب الجن" والآثار الصحية للجعة. أما "المراحل الأربع للقسوة"(١٧٥١) فقد قال الفنان إنها استهدفت "تهذيب تلك المعاملة الهمجية للحيوان، التي تجعل منظر شوارع عاصمتنا محزناً جداً لكل نفس حساسة. وإنني لأشد فخراً برسمي لهذه الصور مما لو كنت صاحب رسوم رفائيل الهزلية (٢٩) ". وفي سلسلة "صور أربع لأحد الانتخابات"(١٧٥٥ - ٥٨) استهدف شروطاً أبهض ثمناً، فقد هاجمت فساد السياسة الإنجليزية.
ولو أخذنا صور هوجارث المطبوعة على أنها مجرد رسوم لكانت فجو في فكرتها وتنفيذها متعجلة غير دقيقة في تفاصيلها. ولكنه كان ينظر إلى نفسه على أنه مؤلف أو كاتب مسرحي أكثر منه مصوراً، وقد أشبه صديقه فيلدنج أكثر من ألد خصومه وليم كنت، ولم يكن يعرض تقنيات التصوير بل يقدم صورة للعصر، "لقد حاولت تناول موضوعي كما يتناوله كاتب للدراما، فصورتي هي خشبة مسرحي، والرجال والنساء هم ممثلي الذين يراد منهم ببعض الحركات والإيماءات أن يقدموا عرضاً صامتاً (٣٠) ". ونحن إلى نظرنا إلى صوره المطبوعة على أنها هجائيات وجدناها مبالغات متعمدة، فهي تشدد على جانب وترهف نقطة وهي أكثر ازدحاماً بالتفاصيل مما ينبغي أن يكون عليه العمل الفني، ولكن كل تفصيل فيما عدا الكلب الذي لا مناص منه يسهم في الموضوع. وصوره المطبوعة في مجموعها تتيح لنا نظرة إلى طبقة لندن الوسطى-الدنيا في القرن الثامن عشر؛ البيوت، والحانات وحي المل، وكوفنت جاردن، وكوبري لندن، وتشيبسايد، وبرايدويل، وبدلام، وشارع فليت، وهذه ليست كل لندن، ولكن ما صوره منها ينبض بالحياة نبضاً رائعاً.
أما ناقدو الفن وجماعوه وتجاره في ذلك العهد فلم يعترفوا لا بكفاية هوجارث فناناً ولا بصدقه هجاء. فاتهموه بأنه لا يصور غير