للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثلاثة أخرى في قصر ايستربري بضيافة بوب دودنجنتن، ذلك السياسي الفاسد والراعي العطوف لفيلدنج، وطومسن، وبنج. والتقى فولتير بكلا الشاعرين هناك، وقرأهما دون أن يخرج بفائدة من القراءة. ومن ثم عكف على تعلم اللغة بعزم صادق، فما وافت نهاية عام ١٧٢٦ حتى كان يكتب الخطابات بالإنجليزية (٧٨). واقتصر في الشهور الأولى على المجالس التي كانت تفهم فيها الفرنسية، ولكن كل من كان ذا شأن من الرجال أو النساء في الأدب الإنجليزي أو السياسة الإنجليزية كان يعرف الفرنسية. وكتب المذكرات التي ملأها الآن باللغتين على السواء، وهي تدل على أنه تعلم الألفاظ النابية أول ما تعلم من الإنجليزية.

وقد اكتسب من الإحاطة بالأدب الإنجليزي ما لم يكتسبه فرنسي مرموق بعده حتى ايبوليت تين. وقرأ بولنبروك، ولكنه وجد قلم الفيكونت أقل ألمعية من لسانه؛ على أنه ربما أخذ من كتاب بولنبروك المسمى "مفهوم الملك الوطني" الاعتقاد بأن خير الأمل في الإصلاح الاجتماعي يجيء على يد الملكة المستنيرة. وشق طريقه وسط أحقاد سويفت المقطرة، وربما تعلم منه بعض فنون الهجاء، وحكم بأنه "يفوق رابليه بما لا يقاس (٧٩) ". وقرأ ملتن، ووقع من فوره على هذه الحقيقة، وهي أن الشيطان هو الطل الحقيقي لملحمة الفردوس المفقود (٨٠). وقد رأينا في مكان آخر انفعاله المختلط بشكسبير-الإعجاب ببلاغة "الهمجي المحبوب"، و "درر" السمو أو الرقة الدفينة وسط "كومة روث هائلة" من المهازل والمباذل (٨١). وقلد "يوليوس قيصر" في "موت قيصر"، وعطيل في "زائير". كذلك ظهرت رحلات جلفر من جديد في "ميكروميجاس"، ومقال بوب عن الإنسان في "رسائل منظومة في الإنسان".

وبادر بعد وصوله إلى إنجلترا بزيارة بوب. وصدمه منه تشوهه وعذاباته، وأذهلته حدة ذهن بوب وإرهاف عبارته، وفضل مقال بوب في النقد على مقال بوالو في "فن الشعر (٨٢) ". وزار كونجريف المسن وساءه أن يجد الرجل الذي كان يوماً ما مسرحياً عظيماً أراد أن يعتبر "جنتلماناً لا مؤلفاً (٨٣) ". وعلم في حسد بأمر الوظائف الشرفية والمعاشات التي منحتها الوزارات الإنجليزية قبل ولبول