على حين عاش الأساقفة مترفين منعمين. وأغاثت الكنيسة المحتاجين المعدمين وعلمت الصغار ولقنتهم مبادئها. وفي المقام التالي بعد الملك وجيشه، كانت الكنيسة أقوى وأغنى سلطة في فرنسا. وكانت تمتلك، طبقاً لمختلف التقديرات، ما بين ٦% و٢٠% من الأرض (٢٠)، وثلث الثروة (٢١). وكان دخل أسقف سنس السنوي ٧٠ ألف جنيه، وأسقف بوفيه ٩٠ ألفاً، ورئيس أساقفة روان ١٠٠ ألف، ورئيس أساقفة ناريون ١٩٠ ألفاً، ورئيس أساقفة
باريس ٢٠٠ ألف، أما رئيس أساقفة ستراسبورج فقد أربى دخله السنوي على المليون من الجنيهات (٢٢). وكان رأس مال كنيسة بريمونتريه بالقرب من لاؤون ٤٥ مليوناً من الجنيهات. أما الاخوة الدومنيكان البالغ عددهم ٢٣٦ في تولوز فقد بلغت مقتنياتهم من الأملاك الفرنسية والمزارع في المستعمرات ومن الرقيق الأسود ما قدرت قيمته بعدة ملايين من الجنيهات أما رهبان سانت مور فقد بلغت قيمة ممتلكاتهم ٢٤ ملوناً من الجنيهات تدر ثمانية ملايين في العام.
ولم تدفع الكنيسة أية ضرائب عن شيء من ممتلكاتها أو دخلها، ولكن كبار رجال الدين كانوا يقررون بصفة دورية في المجامع الوطنية إعانة اختيارية للدولة. وفي ١٧٧٣ بلغت هذه الإعانة ستة عشر مليوناً من الجنيهات لمدة خمس سنوات. وقد اعتبرها فولتير نسبة عادلة من دخل الكنيسة (٢٣). وفي ١٧٤٩ اقترح ماشول دي ارنوفيل المراقب العام المالي أن يستبدل بهذه المنحة الاختيارية ضريبة مباشرة سنوية قدرها ٥% من مجموع الدخل تفرض على الكنيسة وعلى عامة الناس وخشي رجال الدين أن تكون هذه خطوة أولى نحو سلب أموال الكنيسة بغية إنقاذ الدولة، فقاوموا الفكرة في "غضب شديد وإصرار (٢٤) ". كذلك اقترح ماشول تحريم التوريث بالوصية للكنيسة دون موافقة الدولة، وإلغاء المؤسسات الدينية التي قامت منذ ١٦٣٦ دون ترخيص من الملك، ومطالبة شاغلي الرتب الكنسية ذوات الدخل بتقديم تقرير عن مواردهم إلى الحكومة. وأبت جمعية انعقدت من رجال الدين الامتثال لهذه القرارات، وقالوا:"لن نوافق إطلاقاً على أن يصبح ما كان حتى الآن ثمرة حبنا وإجلالنا ضريبة على طاعتنا"، وأمر لويس الخامس عشر