للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بدائية في فرنسا، إذا قورنت بالأساليب في إنجلترا المعاصرة. وكانت فرنسا تتبع نظام إراحة الأرض الذي يقضي بترك كل قطعة دون زراعة سنة في كل ثلاث سنين، على حين أدخلت إنجلترا نظام الدورة الزراعية. وكانت الزراعة المكثفة غير معروفة تقريباً، والمحاريث الحديدية نادرة الوجود. وكانت الحيوانات قليلة العدد في المزرعة، كما كان السماد قليلاً. وكان متوسط الأرض المملوكة ضئيلاً إلى حد لا يسمح باستخدام الآلات بشكل مجز.

وروع السائحون الإنجليز في ذلك العصر لفقر الفلاح الفرنسي. ففي ١٧١٨ كتبت السيدة ماري مونتاجو: "في كل محطة كنا نقف فيها لتبديل خيول البريد كان أهل البلدة جميعاً يخرجون إلينا يسألوننا إحساناً، في وجوه أضناها البؤس والجوع وملابس رثة ممزقة، وما كانوا بعد ذلك في حاجة إلى دليل أبلغ من ذلك لإقناعنا بتعاسة أحوالهم (٤٧). ولم يرسم المراقبون الفرنسيون صورة أكثر إشراقاً من هذه إلا في وقت متأخر من هذا القرن. وقال سان سيمون: "في ١٨٢٥ كان الناس في نورماندي يعيشون على حشائش الحقول. إن أول ملك في أوربا عظيم لمجرد كونه ملك الشحاذين. وتحويله مملكته إلى مستشفى فسيح الأرجاء يقيم فيه أناس يعانون سكرات الموت، انتزع منهم كل شيء دون أن يبدوا شيئاً من التذمر (٤٨) ". وفي ١٧٤٠ حسب المركيز رينيه لويس دي أرجنسون، أن عدد الفرنسيين الذين ماتوا بسبب الفقر والعوز في العامين الأخيرين أكبر من عدد من قتلوا في حروب لويس الرابع عشر كلها (٤٩) ". وقال بسنارد: "كانت ملابس الفقراء من الفلاحين-وكانوا كلهم تقريباً فقراء-تدعو إلى الإشفاق والرثاء، حيث لم يكن لدى الفرد منهم إلا ثوب واحد للصيف والشتاء معاً .... أما الحذاء الوحيد (المرقع الواهي المثبت بالمسامير) الذي اقتناه عند زواجه، فكان لزاماً أن يستخدمه بقية أيام حياته، أو على الأقل طيلة بقاء الحذاء (٥٠) ". وقدر فولتير أن مليوني فلاح فرنسي كانوا يستخدمون نعالاً خشبية في الشتاء، وكانوا يسيرون حفاة الأقدام في الصيف، لأن