معارف ديدرو (١٧٥١ وما بعدها) أوصافاً ورسوماً مدهشة لآلات متنوعة معقدة أدخلت بالفعل في الصناعة في فرنسا، يندر أن تكون قد نالت استحساناً أو ترحيباً من البروليتاريا. وحين أقيم نول جاكار (لحياكة الأقمشة المصورة) في ليون، عمد عمال نسيج الحرير إلى تهشيمه، خشية أن يلقى بهم في عرض الطريق بلا عمل (٥٦).
ورغبة في تشجيع الصناعات الجديدة فإن حكومة فرنسا-كما فعلت حكومة إنجلترا في عصر اليزابث-منحت عدة احتكارات، مثال ذلك أنها منحت أسرة فإن روبية احتكار إنتاج الأقمشة الهولندية الرفيعة، كما ساعدت مشروعات أخرى بمعونات وقروض دون فوائد. وفرضت الحكومة على كل الصناعة تنظيماً صارماً موروثاً عن كولبير. وأثار هذا الأسلوب اعتراضاً متزايداً من جانب أصحاب المصانع والتجار الذين دفعوا بأن الاقتصاد ينمو ويزدهر إذا تحرر من تدخل الحكومة، وترديداً لهذا المطلب، قال فنسنت دي جورناي (حوالي ١٧٥٥) عبارته التاريخية اتركه وحده "اتركه يعمل" التي عبرت في الجيل التالي، على لسان فرانسوا كني وترجو، عن المذهب الفيزيوقراطي الذي نادى بحرية العمل والتجارة.
واستاء الحرفيون أيضاً من هذه القواعد والتعليمات التي وقفت حجر عثرة في سبيل تنظيمهم من اجل ظروف عمل وأجور أفضل. ولكن أهم ما هاج حفيظتهم هو أن عمال الريف والمصانع كانوا ينتزعون السوق من أيدي النقابات. فما وافى عام ١٧٥٦ حتى كان أصحاب المصانع قد هبطوا بالحرفيين في المدن الكبرى-حتى بالمعلمين النقابيين-إلى مستوى الإجراء الذين يعتمدون في عملهم على المقاولين أو الملتزمين. (٥٧) وفي نطاق النقابات أجرى المعلمون-تخفيضاً في أجور عمال المياومة الذين عمدوا إلى الإضراب على نحو دوري. وكان الفقر في القرى شديداً مثلما هو في المدن تقريباً. ووصل نقص المحاصيل بالطبقة الكادحة، البروليتاريا، في المدن إلى حد المجاعة والشغب كل بضع سنين، كما حدت في تولوز ١٧٤٧، وفي باريس