ونظراتها التي كثيراً ما كانت ثاقبة (١٣٠). وكانت قد أشارت منذ زمن بعيد إلى أن عجز قواد فرنسا هو أساس اضمحلالها العسكري. وفي ١٧٥٠، اقترحت على لويس أن ينشئ مدرسة حربية يتلقى فيها الفنون والعلوم العسكرية أبناء الموظفين والضباط الذين قتلوا أو استنزفت قواهم في خدمة الدولة. ووافق الملك ولكنه أبطأ في توفير الاعتمادات اللازمة للمشروع. فنقلت بمبادور إلى هذا المشروع دخلها الخاص لمدة عام، ووفرت له أموالاً إضافية عن طريق "يانصيب"، وضريبة على لعب الورق، وأخيراً فتحت المدرسة ١٧٥٨ ملحقة "بقصر الانفاليد".
والآن نصح هذا الوزير الساحر بلا وزارة بمراجعة جريئة لسياسة فرنسا الخارجية وإعادة تقييمها. وربما جاءت المبادرة بهذا "النقض المشئوم للأحلاف" من كونت فون كونتز سفير النمسا في باريس. وقد عززها التنازل الكاره من جانب الإمبراطورة التقية ماريا تريزا التي خاطبت بمبادور "بصديقتي العزيزة"، و "ابنة عمي"، كما عززها فردريك الأكبر بإشارته المهنية إلى المركيزة دي بمبادور "بحكم المرأة" في البلاط الفرنسي. وكانت مدام دي شاتور ودارجنسون قد وجها السياسة الخارجية نحو الصداقة مع بروسيا، وأوضح كونتز وبمبادور أن بروسيا الحديثة-التي قويت بالانتصار في حرب الوراثة النمساوية، والتي لديها جيش قوامه ألف جندي أحسن تدريبهم تحت إمرة قائد قدير طموح لا يبالي بأية مبادئ خلقية، وملك غدر بفرنسا مرتين بتوقيعه صلحاً منفرداً-إن بروسيا هذه لا بد أنها سرعان ما تشكل خطراً أشد من خطر النمسا التي كانت قد فقدت آنذاك سيليزيا، ولم تعد تتوقع أي عون أو تأييد من أسبانيا في ظل حكم آل بوريون، وقد انقضى تطويق النمسا لفرنسا. وقويت هذه الحجة حين عقدت بروسيا في ١٦ يناير ١٧٥٤ تحالفاً مع إنجلترا-عدوة فرنسا التقليدية ورد مجلس الدولة الفرنسي على هذا بإبرام تحالف مع النمسا (أول مايو). وهنا نجد أن المركيزة دي بمبادور التي عادت الآن تبصق دماً، وكانت في الخامسة والثلاثين، ولم يبق لها من العمر إلا ثمان سنوات، نجد أنها قد لعبت دورها في التمهيد لإشعال حرب السنين السبع.